المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

السعودية لن تسمح بسرقة حصَّتها من النفط.. وضمانات روسيا للرياض تواجه اختباراً

قبل يومين من اجتماع وزراء منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بمدينة فيينا في الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني، نقل وزير النفط الإيراني رسالة إلى الرئيس حسن روحاني، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفق ما ذكر أشخاص مطلعون: لن تقبل المملكة العربية السعودية بخفض الإنتاج بدون الحصول على صيغة التزام من روسيا.

اتصل روحاني بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تلك الليلة، حسب ما صرح الكرملين. وقبيل بدء اجتماع أوبك، أخبرت روسيا، وهي ليست من أعضاء منظمة أوبك، وزير الطاقة السعودي أنها ستنضم إلى مساعي الاتفاق الداعية لخفض الإنتاج العالمي من النفط بحسب تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

رغبة في التوصل لاتفاق

يبرز تدخل الرئيسين الرغبة الشديدة التي تنتاب كافة الأطراف من أجل التوصل إلى اتفاق يرفع بدوره من أسعار النفط، ويعزز اقتصادات الدول المصدرة له. أضف إلى ذلك، الموقف الحاسم الذي تمسكت به أوبك، والقائد الفعلي للمنظمة؛ السعودية، عندما أشارت إلى مطالب الاتفاق بأن يتضمن أيضاً كافة الاتفاقيات المستقبلية المتعلقة بتنسيق خفض الإنتاج للمنتجين غير الأعضاء بالمنظمة.

ويكمن السبب في أن السعودية لا تعتزم أن تترك المنتجين الآخرين يسرقون حصتها السوقية عندما تخفّض إنتاجها.

فيما يواجه التزام الجانب الروسي اختباراً اليوم السبت 10 ديسمبر/كانون الأول 2016 عندما تجتمع روسيا مع ما لا يقل عن أربع دول من منتجي النفط غير الأعضاء بأوبك، وذلك في مقر الكارتل بفيينا، وهو الاجتماع الذي تأجل حتى يصل أعضاء أوبك إلى اتفاق.

وقالت روسيا والمملكة العربية السعودية إنهما تتوقعان أن يتوصل منتجو النفط من داخل منظمة أوبك وخارجها إلى اتفاق اليوم السبت لتقليص إنتاج الخام ورفع الأسعار في أول تحرك مشترك من نوعه منذ 2001.

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح للصحفيين إن هناك اتفاقاً بالفعل ويجري حالياً وضع اللمسات النهائية.

ليس هناك مقدمات للفشل

وقال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك خلال إفطار جماعي ضم وزراء من أوبك والمنتجين المستقلين في فيينا “لا أرى مثل تلك المخاطر (التي تنذر بفشل الاتفاق).”

وتبلغ حصة الدول غير الأعضاء- التي يُتوقع أن تضم السودان، وجنوب السودان، وماليزيا، وأذربيجان، وكازاخستان، والمكسيك- 18% من إنتاج النفط اليومي بين دول العالم الأخرى.

وقد أقر مسؤولو أوبك بأن المنظمة ترى نفسها في الوقت الحالي ائتلافاً فضفاضاً للدول المنتجة للنفط، إذ إن بعضها ضمن أعضاء المنظمة، بينما البعض الآخر ليس كذلك.

صرح محمد بن صالح السادة، وزير الطاقة القطري والرئيس الحالي لمنظمة أوبك، في اليوم الذي عُقد فيه الاتفاق قائلاً “إن كمية التنسيقات والاجتماعات مع الدول غير الأعضاء بأوبك، جعلهم كما لو كانوا جزءاً من المنظمة. الوحدة التي نشهدها اليوم تبدو إشارة صريحة للغاية”.

وقالت أوبك إن الدول غير الأعضاء بها تعهدت بتخفيض إنتاجها اليومي بمعدل 600 ألف برميل/ يومياً. وفي ظل تعهد أوبك، حسب الاتفاق، بتخفيض إنتاجها اليومي بمعدل 1،2 مليون برميل/، ستبلغ النسبة الإجمالية لخفض الإنتاج اليومي بسوق النفط العالمي 2%.

وقال محمد باركيندو أمين عام أوبك إنه يتوقع توقيع إجمالي 12 دولة غير الأعضاء في المنظمة على إعلان مع أوبك والإسهام بشكل كامل بخفض الإنتاج بواقع 600 ألف برميل يومياً أو أكثر.

وأضاف للصحفيين “هذا اجتماع تاريخي للغاية.. سيعزز ذلك الاقتصاد العالمي وسيساعد بعضاً من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في تحقيق معدلات التضخم المستهدفة.” وتضم منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية معظم الاقتصادات الأغنى في العالم.

على مدى تاريخها البالغ 56 عاماً، طالما طالبت أوبك المنتجين غير الأعضاء أن يشاركوها في خفض الإنتاج. وفي تسعينيات القرن الماضي، خفّضت بالفعل كل من المكسيك والنرويج وبعض الدول الأخرى، إنتاج النفط مع أعضاء أوبك، وذلك في أعقاب انهيار الأسعار خلال الأزمة المالية الآسيوية. بيد أن روسيا نكثت بوعودها في عام 2008، بعد أن قالت إنها ستساعد أوبك في موازنة إنتاج النفط.

التنسيق مع الكبار

إلا أن الارتفاع السريع في إنتاج النفط الصخري الأميركي، زاد من أهمية التنسيق مع كبار منتجي النفط الآخرين هذه المرة. فقد تضاعف إنتاج النفط الأميركي في الفترة بين 2007-2015، ليصل إلى 9،4 ملايين برميل/يومياً خلال العام الماضي، لتساهم الولايات المتحدة في زيادة العرض، مما ساعد على إغراق الأسعار التي انخفضت من 100 دولار للبرميل في عام 2014 إلى 28 دولاراً للبرميل في فترة سابقة من العام الحالي.

أحدث ذلك الانهيار ضغطاً كافياً على منتجي النفط الأميركيين، ليقودهم لخفض إنتاجهم بمعدل 600 ألف برميل يومياً في عام 2016. فيما تضغط أوبك على منتجي النفط غير الأعضاء بالمنظمة لخفض إنتاجهم؛ لموازنة احتمال عودة إنتاج النفط الأميركي إلى المستويات السابقة عندما ترتفع الأسعار.

يبدو أن تلك الإستراتيجية محفوفة بالمخاطر، بما في ذلك إمكانية التزام جميع البلاد بها. كما أن أعضاء أوبك أنفسهم يمتلكون تاريخاً متقلباً فيما يتعلق بالالتزام باتفاقيات “الكارتل” النفطي.

في هذا السياق، قال الدكتور إرنست مونيز، وزير الطاقة الأميركي “القضية الرئيسية تكمن فيما ستؤول إليه عملية التنفيذ. إنني لست الشخص الوحيد الذي سيقول إن تنفيذ روسيا (لذلك الاتفاق) يبقى معلقاً في الهواء”.

في المقابل، نقلت وكالات الأنباء الروسية عن أليكساندر نوفاك، وزير الطاقة الروسي، تصريحاته التي أطلقها يوم الخميس وأكد فيها على التزام موسكو بتخفيض إنتاج النفط بمعدل 300 ألف برميل/يومياً. لكنه قال أيضاً إن المنتجين ينبغي عليهم أن يلتزموا بالاتفاق عندما تخفّض بلاده الإنتاج. وكانت روسيا قالت إنها سوف تخفّض إنتاجها “تدريجياً”، بينما تعهدت أوبك بأن تنفذ تعهدها بخفض الإنتاج بدءاً من أول يناير/كانون الثاني القادم.

في سياق آخر، تُحجم كازاخستان، حيث افتُتح حقل نفطي ضخم مؤخراً، عن الانضمام إلى اتفاقية خفض الإنتاج. وتتوقع أوبك أن الدولة التي تقع في وسط آسيا، سوف يصل إنتاجها اليومي من النفط في عام 2017 إلى 210 ألف برميل أكثر، يومياً.

ثمّة قضايا أخرى بما فيها نوعية الإحصاءات التي ينبغي أن تُستخدم لتحديد مستوى خفض الإنتاج، والمدة التي ستستمر فيها عملية تحديد الإنتاج، وأيضاً بالنسبة للدول التي تعاني من انخفاض طبيعي في إنتاجها النفطي، مثل المكسيك، ما إذا كان من الممكن أن يُنظر إلى هذا الانخفاض الطبيعي باعتباره ضمن حيز تنفيذ الاتفاق أم لا.

في غضون ذلك، قالت المكسيك إنها ستُبقي على خطة إنتاجها النفطي لعام 2017، إذ إنها تتوقع أن ينخفض إنتاجها بمعدل 200 ألف برميل/يومياً، أو ما يساوي 10% من نسبة الإنتاج. وعن ذلك، صرح وزير النفط المكسيكي في الثلاثين من نوفمبر/تشرين الثاني قائلاً إن الانخفاض سوف “يسهم في تحقيق استقرار سوق النفط العالمي”.

وقالت هيليما كروفت، رئيس استراتيجية السلع في بنك رويال الكندي “تبدو المكسيك البطاقة العاصفة في هذا الاتفاق. فإن لم يُنظر إلى الانخفاض الطبيعي (باعتباره جزءاً من الاتفاق)، لا أعرف كيف سيجعلون المكسيك تنضم إليهم حينها”.

فيما أوضح مسؤولو أوبك أنهم لن يعتمدوا سوى على مستويات الانخفاض التي لا تتوقعها المجموعة في الوقت الحالي. ويقول المحللون إن انخفاض الإنتاج الذي يتضمن الانخفاض الطبيعي لن يتسبب في رفع مستوى الأسعار.

يقول هارولد يورك، نائب رئيس قسم الطاقة المتكاملة بشركة وود ماكينزي للاستشارات “لقد وضع السوق ذلك في عين الاعتبار فعلياً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى