الخلطة بريئة.. والحكومة تعتذر

محمود الزاهي –
أعلنت وزيرة الأشغال وزيرة الدولة لشؤون الإسكان د. جنان بوشهري عن إحالة قياديين في «الأشغال» والهيئة العامة للطرق إلى هيئة مكافحة الفساد الأسبوع المقبل إضافة إلى إحالة قياديين إلى مجلس الخدمة المدنية للتحقيق معهم، بناء على نتائج تقرير لجنة تقصى الحقائق بشأن أزمة الأمطار.
وأضافت بوشهري خلال مؤتمر صحافي عقدته أمس بمعية رئيس اللجنة د.فهد الركيبي ان التقرير حمّل قطاع هندسة الصيانة في وزارة الأشغال والهيئة العامة للطرق مسؤولية ما حدث، مشيرة إلى أن الإجراءات المتخذة ستشمل كذلك إيقاف بعض العاملين في الوظائف الإشرافية وإحالتهم الى التحقيق في الوزارة والهيئة.
وذكرت بوشهري أن تقرير اللجنة انتهى ـــ كذلك ـــ إلى ارتكاب 12 شركة ومكتبا استشاريا، من اصل 58 جرى التحقيق معها، أخطاء جسيمة في المشاريع التي نفذتها، معلنة مخاطبة الجهاز المركزي للمناقصات والمؤسسة العامة للرعاية السكنية «كونها لا تخضع للرقابة المسبقة» بأسماء تلك الشركات.
قدّمت جنان بوشهري الاعتذار مرتين خلال المؤتمر للشعب الكويتي وللوافدين على سوء أوضاع شوارع البلاد، مؤكدة حرص الحكومة على تحديد مواطن الخلل، ومن يتحمّل المسؤولية.
وأشارت إلى أنه رغم أن كميات الأمطار فقد كانت استثنائية وغير مسبوقة، إلا أن الحكومة لم ترد التوقف عند هذا الأمر فقط، وكان هدفها البحث عن القصور والخلل ومن يتحمّل ذلك.
وأوضحت أن تقرير اللجنة برّأ ساحة قطاع الهندسة الصحية في وزارة الأشغال العامة، وأكد أنه لا توجد عليه أي مسؤولية تجاه الأحداث الأخيرة الخاصة بالأمطار، وبناء على ذلك سيتم إنهاء ايقاف وكيل القطاع م.عبدالمحسن العنزي عن العمل، في حين حمّل قطاع الصيانة والهيئة العامة للطرق المسؤولية؛ لذا سيستمر إيقاف وكيل الصيانة محمد بن نخي لحين الانتهاء من التحقيقات في هيئة مكافحة الفساد ومجلس الخدمة المدنية.
وأشارت إلى وجود لجنة تحقيق برلمانية في مجلس الأمة حول تداعيات الأمطار الأخيرة، وسبق اللجنة أن طلبت رفع تقرير لجنة تقصّي الحقائق فور الانتهاء منه إليها، واستنادا إلى طلبها والتعاون الحكومي البرلماني في تلك الحادثة ستحيل التقرير إليها.
وأوضحت أن لجنة التحقيق البرلمانية طلبت تكليف ديوان المحاسبة إعداد تقرير فني مالي وقانوني بهذه الأزمة، وتمت الموافقة على الطلب، ومن باب التعاون مع فريق ديوان المحاسبة بهذا الشأن تم تكليف «الأشغال» و«البيئة» و«السكنية» و«الطرق» تقديم كل ما هو مطلوب من أوراق ومعلومات لفريق ديوان المحاسبة.
قصور إداري
وأشارت إلى أن تقرير «تقصّي الحقائق» أشار إلى قصور إداري وفني في الأشغال وهيئة الطرق والسكنية، وقد بدأنا بالفعل في التحرّك لتصويب الأخطاء الفنية والإدارية في تلك الجهات، ومستمرون في العمل في تلك الجهات.
وتابعت بوشهري قائلة: «أتفهّم تماما حقيقة الشكوى المستمرة من الطرق في هذه الأيام، وأتقدم إلى الشعب الكويتي والمقيمين على أرض الكويت بالاعتذار، ولقد بدأنا فعليا في الإصلاحات، والتأكد من كل العوامل المؤثرة حتى تكون إصلاحات الطرق قائمة على أساس سليم». ولفتت إلى أن التسرّع في ردود الأفعال ربما يتسبّب في أمرين؛ أولهما عودة الضرر مرة أخرى، وثانيهما هدر المال العام، لذلك نحن حريصون كل الحرص على سد كل الثغرات، والخلل الذي أدى إلى تطاير الحصى ووجود حفر على الطرق.
وكشفت بوشهري عن بدء تعاون الكويت مع عدد من دول الخليج الأخرى على مستوى مختبرات الطرق وفحص مكوّنات الخلطة الاسفلتية، إضافة إلى التعاون مع مختبرات عالمية لتقييم أداء وأعمال مختبراتنا، مشيرة إلى وجود وفد زائر للكويت حاليا، يعمل على تقييم الأداء والمختبرات وفحص الخلطات الموجودة في الكويت.
وقالت إن النتائج الأولية التي وصلت الى «الاشغال» حتى الآن تؤكد أن المكوّنات الأساسية لخلطة الأسفلت الموجودة في الكويت سليمة، والتركيز حاليا يجب أن يكون على خطوات ضبط الجودة، وهي من النقاط الأساسية التي تطرّقت اليها لجنة تقصّي الحقائق، مع وجوب أن تكون هناك آلية مستمرة لمتابعة خط الإنتاج في مصانع الأسفلت للتأكد من ضبط الجودة.
وأكدت بوشهري ان مختبرات الطرق تمثّل قلب «الأشغال»، الذي يجب أن ينطلق العمل منه؛ لذا هناك اهتمام خاص بتطوير المركز ومعداته والكوادر الفنية، وفي هذا الشأن هناك تنسيق مع دول الخليج لعمل توأمة وشراكة في أعمال المختبرات معهم للارتقاء بعمل مختبر الطرق الكويتي، مشيرة إلى أهمية الاستثمار في العنصر الوطني، خاصة أن الوزارة تضم أكثر من 14 ألف موظف يجب الاستثمار فيهم، سواء في المركز الحكومي أو كل القطاعات الأخرى.
وعما إذا كانت الوزارة بدأت في استخدام الخلطة الجديدة، قالت بوشهري: إن الوزارة تأكدت من سلامة مكوّنات الخلطة من خلال الفحوص التي تمت مؤخرا ولم يتبق سوى نتيجة فحص واحد، مستدركة بأن الوزارة تتأكد كذلك في الوقت الحالي من نسب الخلطة والعوامل الأخرى المؤثرة وخطوات ضبط الجودة التي يجب أن تمر بها، وصولا إلى مرحلة فرش الأسفلت على الطرق، وهذه الأمور نعيد التدقيق عليها والتأكد منها حاليا، مؤكدة أن متابعة تلك الآلية يجب أن تتم بصورة مستمرة.
مختبرات عالمية
واشارت إلى أن «الأشغال» بدأت فعليا في كشط الطرق، وحين يتم اعتماد الخلطة بمكوّناتها بشكل كامل والاستعانة بالمختبرات العالمية ودول الخليج فسيتم التنفيذ بشكل لا يؤثر في جودة الأعمال وصحتها، لافتة إلى تشكيل فرق في المحافظات، مهمتها حصر الحفر الموجودة في الطرق، والعمل على التعامل معها ومعالجتها، وتلقي الشكاوى على خط الهاتف الذي سيتم الإعلان عنه، أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وبشأن موقف القياديين السابقين في الجهات محل التحقيق، قالت بوشهري إن التقرير لم يُخلِ مسؤوليتهم والقرارات الإدارية التي ستصدر الأسبوع المقبل ستبين من الذي سيحال إلى هيئة مكافحة الفساد ومجلس الخدمة المدنية.
وبشأن إعلان أسماء الشركات الـ12، قالت إن التقرير سيحال الى مجلس الأمة، وبعدما تنتهي لجنة التحقيق البرلمانية من أعمالها وتوصياتها سيتم الكشف عن اسماء الشركات.
وبرّأت بوشهري وزارة المالية من مسؤوليتها عن عدم توفير الاعتمادات المالية اللازمة لأعمال الصيانة خلال السنوات الماضية، مؤكدة أن الوضع الحالي للطرق بعيد تماما عن التنسيق القائم بين الأشغال والمالية، مشيرة إلى أن سوء أوضاع الشوارع اليوم يعود إلى قصور شاب أعمال الصيانة والتنفيذ في الفترة السابقة، كما أكدت وجود تنسيق قائم حاليا بين الاشغال والمالية لتدبير الاعتمادات وفق أولويات الأشغال.
عمل اللجنة
بدوره، قال رئيس اللجنة د.فهد الركيبي: إنها عملت لمدة 12 اسبوعا عقدت خلال هذه المدة 43 اجتماعا؛ بواقع 220 ساعة عمل، لافتا إلى ان اللجنة اعتمدت على آلية معيّنة للتعرّف على مواطن الخلل والوقوف على الاسباب الرئيسة، التي أدت إلى حدوث المشاكل.
وأوضح الركيبي أنه خلال فترة عمل اللجنة منذ تشكيلها قامت باستدعاء 44 مسؤولاً حكومياً من «الاشغال» و«الطرق» و«الاسكان»، واستمعت إلى بعض الجهات؛ مثل شركة البترول الوطنية والقائمين على مصنع الاسفلت وبلدية الكويت ووزارة الداخلية، مبينا ان اللجنة استمعت إلى عدد كبير من الأسماء التي كانت تشملها القائمة الموجودة لديها، كل حسب اختصاصه.
ولفت إلى ان بنية الكويت التحتية، وفق تصنيف تقرير التنافسية العالمية الأخير، احتلت المرتبة الـ54 عالمياً، مقارنة بدولة الامارات العربية المتحدة التي جاءت في المرتبة الرابعة، مشيرا إلى أن اللجنة حددت في تقريرها أسباب تراجع بنية الكويت التحتية والخلل الذي أصابها.
وأشار إلى ان اللجنة وجدت قصوراً، وصفته بالأخطاء الجسيمة لدى 12 شركة مقاولات ومكتبا هندسيا، مبينا أنه تم رفع تقرير بتلك الأخطاء الموجودة في كل مشروع، كما حمّلت القياديين والعاملين في بعض إدارات قطاع الصيانة مسؤولية القصور في أعمال الصيانة بعد الاستماع إليهم، في حين لم تثبت لدى اللجنة أي مسؤولية، أو قصور يقع على قطاع الهندسة الصحية.
وذكر ان اللجنة اكتشفت قصورا واضحا لدى بعض القياديين في هيئة الطرق وبعض الإدارات في الهيئة، وتمت الإشارة إليهم، وتحديد مسؤولياتهم وأوجه القصور الموجودة لديهم، والتوصيات التي يجب اتخاذها حيالهم، إلى جانب رصد بعض الملاحظات على الرعاية السكنية للمواقع والمدن الجديدة.
متابعة رئيس الوزراء
ذكرت الوزيرة جنان بوشهري أن أزمة الأمطار الأخيرة مست الجميع، لذا حظيت بمتابعة مستمرة من قبل رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك وأعضاء الحكومة، وشُكلت لجنة تقصي الحقائق، بهدف بيان أوجه القصور والخلل والأسباب التي أدت إلى تلك التداعيات.
توصية بتدوير شامل
أوضح فهد الركيبي أن لجنة تقصِّي الحقائق أشارت إلى حاجة ملحة لتدوير شامل في جميع الوظائف الإشرافية والقيادية في وزارة الأشغال وهيئة الطرق.
مصنع كويتي للأسفلت
لفت الركيبي إلى ضرورة دراسة فكرة إنشاء مصنع وطني للاسفلت حاله حال بعض الشركات التي يكون له نسبة في الحكومة لحفظ المواصفات، موضحاً أن التقرير حدد كذلك أوجه القصور المتعلقة بمسؤولية مختبرات الطرق التابعة للهيئة العامة للطرق والنقل البري.
تبرئة وإدانة
برَّأ التقرير الوكيل المساعد لقطاع الصحية، وأدان وكيل قطاع الصيانة. وهيئة الطرق برأت الفحوصات الأخيرة بمساعدة مختبرات خليجية ساحة الخلطة الأسفلتية وفق حديث بوشهري.
3 جهات
في سردها لما قامت به اللجنة أشارت بوشهري إلى أنها ركزت على 3 جهات حكومية هي «الأشغال»، والهيئة العامة للطرق، والمؤسسة العامة للرعاية السكنية.