عبور الأطلسي كان حلماً يراود جميع شركات الطيران العالمية للوصول إلى القارة الامريكية، ومع تزايد حركة النقل الجوي من وإلى المملكة في سبعينيات القرن الماضي عجزت أولى طائرات أسطولها من طراز “تريستار” في القيام بهذه المهمة الصعبة ومواكبة هذا النمو والوصول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فاستأجرت “السعودية” طائرتين من طراز 747-200 سعة 377 مقعداً والتي دخلت الخدمة الفعلية في شهر يونيو عام 1977م، كما تم آنذاك إضافة المزيد من المسارات على خارطة أوروبا الغربية.
حينها اقتربت “السعودية” من تحيق ذلك الحلم، ففي فبراير عام 1979 تم تدشين أهم المسارات في تاريخ الخطوط السعودية عندما سيرت رحلات مشتركة بالتعاون مع شركة (بان أمريكان) من الظهران إلى نيويورك مباشرة.
ولكن الناقل الوطني لم يرضى بان يشاركه في النجاح وتحقيق الحلم احد بل أصر على القيام بذلك منفرداً، ففي يوليو عام 1981م كان الموعد مع أهم الأحداث في تاريخ الطيران الجوي العالمي، عندما قامت “السعودية” برحلتها الأولى المباشرة من جدة إلى نيويورك بطائراتها من طراز بوينج 747 اس بي، حيث اعتبر هذا الخط آنذاك الوحيد في العالم الذي يغطي أربع قارات، إذ يربط آسيا وأمريكا محلقاً فوق أفريقيا وأوروبا.
بطل قصة عبور المحيط الأطلسي هو أحد أبناء الخطوط السعودية الكابتن جزاع بن غازي الشمري اصغر طيار يعبر المحيط بطائرة كبيرة من طراز البوينج 747 في أول رحله مجدوله للخطوط السعودية الى الولايات المتحدة وكان عمره حينها 28 عاما.
(الجزيرة أونلاين) التقت الكابتن الشمري الذي حكى تفاصيل الرحلة الأولى لأمريكا بنفسه قائلاً :” كنت أول من احضر طائرة جديدة بوينج 747 للخطوط السعودية من سياتل إلى جدة بمدة طيران 14 ساعة و20 دقيقة وبعدها بفترة قررت الخطوط السعودية تسيير أول رحلة مجدولة للركاب إلى أمريكا، وقد واجهة معارضة شديدة من مجموعه طيارين أمريكان بأن يكون طيار سعودي صغير السن يقوم بهذه المهمة.
وتابع: “الاعتراضات وصلت إلى رئيس الطيران المدني آنذاك وهو المرحوم ناصر العساف والذي بعث بها لمدير عام الخطوط السعودية المرحوم أحمد مطر، وقد طلب مني بلباقة أن نستفيد من خبرة الطيارين الأجانب في هذه الرحلة الأولى لأمريكا، وقد أوضحت له أنني قمت بإحضار هذه الطائرة من أمريكا بدون ركاب ولن يتغير الأمر بوجود ركاب كما أن أبناء الوطن أحق بهذه المهمة، وقد تفهم رحمه الله وجهة نظري وسمح لي بالقيام بالتحليق بأول رحلة للخطوط السعودية مجدولة إلى أمريكا والتي استمرت أكثر من 12 ساعة وحملت 245 راكباً وهبطت في مطار نيويورك وذلك في عام 1981م”.
وخلال تواجدنا هنا في سياتل بأمريكا لتغطية مناسبة استلام الخطوط السعودية لطائرتها الأولى من طراز بوينج B777-300 المزودة بالأجنحة الفندقية الفخمة قابلنا مدير إدارة العلاقات العامة والشؤون الإعلامية بشركة بوينج بالمملكة بدر بن محمد البدير الذي قال بدوره في هذا السياق : “لقد بدأت علاقات الخطوط السعودية مع بوينج منذ عام 1945م وتطورت خلال مشوار “السعودية” الممتد طوال تلك السنين وكانت شركة بوينج هي من أبرز شركاء النجاح وذلك لما تقدمه من تقنيات متطورة وأجهزة متقدمة وخبرات متخصصة في مجال صناعة الطيران”.
وقال : “عقب اللقاء الشهير بين الملك عبدالعزيز والرئيس روزفلت تلقى الملك هدية ثمينة عبارة عن طائرة من طراز دي سي داكوتا، كانت نواة “السعودية” التي نراها اليوم بهذا الحجم من التشغيل الداخلي والدولي، بعدها تسلمت الخطوط السعودية طائرة من طراز بوينج 720 لتكون أول شركة طيران في الشرق الأوسط تشغل طائرة ذات محركات نفاثة، والعلاقة بين الخطوط السعودية وشركة بوينج علاقةٌ قديمةٌ وراسخةٌ تتجدد وتزداد قوة مع كل طائرة يتم تسليمها”.
وأشار البدير إلى أن المشوار حافل بالإنجازات والنتائج المثمرة بين “السعودية” وشركة بوينج وتعود ذكرياتها مجدداً مع استلام “السعودية” يوم الأربعاء المقبل في سياتل لأحدث طائراتها وانضمامها للأسطول كأول وأحدث طائرة من طراز بوينج (B777-300ER) المزودة بالأجنحة الجديدة والفخمة للدرجة الأولى وهي الأولى ضمن طلبية الاستحواذ التي تم إبرامها وتشمل (10) طائرات من نفس النوع.
وأضاف البدير أن استلام الخطوط السعودية لطائرتها المزودة بالأجنحة الفندقية يعتبر منعطفاً هاماً في مسيرة التطوير الشامل بالخطوط السعودية وانطلاقتها نحو المستقبل لصناعة النقل الجوي والمنافسة بقوة وهي تمتلك مقومات النجاح والقدرة.
يذكر أن أهم مبادرات برنامج التحول 2020 الذي يجري تنفيذه حالياً في الخطوط السعودية هي تحديث ومضاعفة الأسطول إلى 200 طائرة وقد تم تنفيذ العديد من المبادرات في هذا الجانب حيث تم توقيع اتفاقية للاستحواذ على (113) طائرة حديثة من شركة بوينج وإيرباص، واتفاقية لإبتعاث (5000) شاب سعودي لدراسة علوم الطيران والصيانة.
