**
برز مفهوم الجودة في القرن الماضي وتبلور على أيدي عدد من العلماء كان لهم إسهاماتهم في المجال الإداري والاقتصادي، مما أوجد سيولةً في التعريفات، وتَعدُّدًا في نماذج ومبادئ الجودة، التي كانت منطلقاتها في البداية ذات توجه اقتصادي، وبالتدريج اتسعت الدائرة وتسربت الجودة إلى مجالات أخرى غير الاقتصاد.
ما يعنينا هنا هو المجال التعليمي، فقد صب الباحثون اهتمامهم على العملية التعليمية، وبدأ تطبيق الجودة ووسائل تنفيذها بالمؤسسات التربوية في محاولة لرفع كفاءة النظام التعليمي، وضمان تحسين مخرجات العملية التعليمية، من منطلق أن الجودة عملية تحسين مستمر.
وعند النظر للجودة في المجالات الأخرى وخاصة المجال الاقتصادي نجد أن هدفها رضا العميل وتقديم أفضل خدمة ممكنة له، وفي المقابل لها بالجانب التعليمي فإن محور الجودة في العملية التعليمية هو الطالب، حيث يكون الهدف هو تخريج ((((متعلم)))) يتواكب ويتماشى مع إمكانات عصره الذي يعيش فيه.
ومن هنا يمكن تعريف الجودة في الحقل التعليمي على أنها الجهود المبذولة من قبل القائمين على العملية التعليمية لرفع مستوى المنتج وهو (الطالب) بما يتناسب مع متطلبات المجتمع، ويكون ذلك من خلال تطبيق مجموعة من المعايير، والمواصفات التعليمية اللازمة لرفع مستوى المنتج التربوي من خلال تضافر جهود كل العاملين في مجال التربية، ومن هنا فإن الجودة تشمل جميع ما يخص العملية التعليمية بدءًا من القطاعات التربوية، من الوزارة إلى الإدارات التعليمية إلى المدرسة، ومنها للطالب، كما تشمل محتويات العملية التعليمية ممثلة في المنهج الدراسي الذي يتضمن الأنشطة التعليمية كأحد مكوناته.
ويشير مفهوم جودة الأنشطة التعليمية إلى جملة من المعايير التي تتوافر في الأنشطة والإجراءات التي تمر بها بهدف تحسن دائم في المنتج التعليمي.
وبناءً عليه يمكن تطبيق الجودة على الأنشطة التعليمية في ضوء ما يلي:-
1 – التخطيط للأنشطة المدرسية
والتخطيط هو المرحلة الأولى من مراحل العملية التعليمية عمومًا والمنهج الدراسي والنشاط المدرسي باعتباره واحدًا من مكونات المنهج، ويتم خلال هذه المرحلة الأنشطة المناسبة لكل مرحلة من مراحل التعليم، ونوع النشاط (صفي/ لا صفي)، (اجتماعي/ ثقافي/رياضي …. فردي/ جماعي… إلخ) والوسائل المناسبة لهذا النشاط والإمكانات المتاحة لتحقيق هدف معين أو أهداف معينة من هذا النشاط، وهي أهداف يجب أن تكون واضحة في صياغتها، قابلة للقياس، واقعية تراعي الإمكانات البشرية والموارد المتاحة.
2- التنظيم والتنسيق:
والتنظيم يشمل توزيع وتحديد مسؤوليات القائمين على وضع الأنشطة حسب السلطة المسموحة لهم وتنظيم قنوات اتصال وتوحيد الجهود لإنتاج أنشطة تعليمية مناسبة، والتنسيق يفيد في ترتيب وتوحيد الجهود للوصول لهدف مشترك ومنع إنتاج أنشطة تعليمية مكررة أو متضاربة مع أنشطة أخرى في نفس المرحلة العمرية للطالب.
3- تنفيذ الأنشطة:
ويتم في هذه المرحلة تطبيق الأنشطة وتنفيذها للوقوف على مدى تحقيق الهدف المنشود منها، وينبغي أن يتسم التنفيذ بعدة أمور منها: التدرج التصاعدي ابتداءً من السهل إلى الصعب، وضوح خطوات التنفيذ، الوقوف على مدى مشاركة الطلاب، وتصحيح أخطائهم حال وجودها، ومراعاة الزمن المحدد للنشاط.
4- التقويم:
وفي هذه المرحلة يتم تحديد ما إذا كانت خطة مراحل وضع الأنشطة قد تمت على أكمل وجه والوقوف على النواحي الإيجابية أو السلبية إن وجدت.
ونشير إلى أن هناك معايير ينبغي مراعاتها في الأنشطة المدرسية وهي معايير تتعلق بالنشاط نفسه، حيث ينبغي أن يتسم النشاط بالتطور والتجديد المستمر، وأن يستفيد منه أكبر عدد ممكن من الطلاب عند تطبيقه، والأهم أن يكون اختياره في ضوء الأهداف التربوية .
وهناك معايير تتعلق بالطالب وأهمها أن يتم إشراكه في النشاط وتكون هذه الأنشطة مناسبة لخصائص نموه العقلية والانفعالية والاجتماعية وغيرها، كما أن هناك معايير تتعلق بالأجهزة والإمكانات المتاحة في المدرسة لتطبيق النشاط.
وعليه؛ فإننا نعتقد أنه إذا ما تم تطبيق هذه الأمور على الأنشطة باعتبارها أحد مدخلات العملية التعليمية فإنها تؤدي إلى مخرجات جيدة ممثلة في متعلِّمٍ صالحٍ ينفع نفسه ويفيد مجتمعه.
@SSSLH55