البنك الدولي للكويت: الاحتياطي العام قد ينفد في 2021.. وهذه اختلالات الاقتصاد المحلي !
المصدر:الانباء
- صندوق الاحتياطي العام قد ينفد في 2021 والكويتي خريج «الثانوي» يتساوى مع طالب «المتوسط» السنغافوري
- على الكويت الانتقال من الاهتمام بالثروة النفطية إلى رأس المال البشري
- الوصفة ليست سحرية لتطوير التعليم.. طبقوا منظومة متكاملة لخلق جيل قادر على العطاء
- نحن لا نتحدث عن تخفيض رواتب الحكومة.. وإنما لابد من معالجة المنظومة الاقتصادية كاملة
- لا توجد طريقة لسد العجز إلا من صندوق الاحتياطي.. أو زيادة الإيرادات وتقليص المصروفات
- متوسط برميل النفط الكويتي سيبلغ 63 دولاراً.. والعجز سينخفض إلى 3 مليارات دينار
أجرى الحوار: أحمد مغربي
ما بين عجز متوقع يناهز الـ 7.7 مليارات دينار حسب توقعات وزارة المالية خلال السنة المالية الحالية وبين نفاد صندوق الاحتياطي العام للكويت بحلول 2021 إذا لم يتخذ قرارات بهذا الشأن، دق البنك الدولي ناقوس الخطر لوضع الميزانية العامة واعتمادها الكلي على مصدر وحيد للدخل يتمثل في تصدير النفط الخام ومشتقاته وبالمقابل زيادة هائلة في النفقات تذهب أغلبها للرواتب والمزايا المالية والدعومات.
الحوار مع «البنك الدولي» لا يشبه أي حوار آخر، فالمنظمة غير عادية، والظروف على درجة عالية من الحساسية، لذا فإن الممثل المقيم لمجموعة البنك الدولي في الكويت غسان الخوجة ينتقى كلماته بدرجة عالية من الحساسية حتى تصل رسائله بوضوح ونصائحه بكل شفافية للواقع الاقتصادي بدون أي تجمل أو تجميل، فالتحديات كبيرة ولكن الحلول متوافرة والتاريخ سيعيد كتابة هذه المرحلة كما سبق وكتب سابقات لها، وستشهد السنوات المقبلة على من كان سلبيا في تعاطيه مقابل من كان ايجابيا في تسهيل الحلول وتبسيط العقد لتجاوز التحديات. في لقاء الخوجة مع «الأنباء» يمكن ذكر عشرات التأكيدات التي قدمها على انها منافذ ومخارج، علينا النظر اليها كذلك، والاستفادة منها، فعلى سبيل المثال قال:
1- المنظومة المالية تعتمد بشكل كامل على سعر النفط وبالتالي أي اختلالات في أسعار النفط تؤثر كليا على الموازنة العامة.
2- سيطرة القطاع العام على الاقتصاد وفي المقابل هناك انخفاض كبير في الانتاجية، ولابد من التأكيد على فاعلية القطاع الخاص ليخدم ويمكّن الاقتصاد المحلي وليكون القطاع العام ممكنا للقطاع الخاص.
3- على الرغم من تحسن مؤشرات الكويت لسهولة ممارسة الاعمال 2020، إلا ان بعض الدول المجاورة حققت طفرات أكبر وتحسنت بعضها بـ 30 مرتبة على المؤشر دفعة واحدة.
4- الكويتي الذي يولد اليوم وبعد تخرجه من الثانوية العامة يكتسب معارف ومهارات بنحو 58% فقط، اي يتساوى مع الطالب السنغافوري خريج المرحلة المتوسطة.
5- ضرورة اعادة توزيع الثروات من التوظيف والدعومات الى الاستثمار الأفضل في بناء رأس المال البشري وإطلاق العنان للقطاع الخاص.
6- نحن في البنك الدولي لا نتحدث عن تخفيض رواتب أو مزايا مالية للموظفين في القطاع العام، فنحن لا نعطي وصفة معينة وإنما لابد من معالجة المنظومة كاملة.
وباختصار شديد تلك كانت النقاط التي أثارها الخوجة في حواره مع «الأنباء»، والتي تجعل منه قارئا لواقع الاقتصاد المحلي أكثر من غيره.. وفيما يلي نص الحوار:
في البداية.. نود التعرف على بداية التعاون بين البنك الدولي والكويت؟
٭ البنك الدولي له باع طويل في الكويت وعلاقة استراتيجية بدأت منذ عام 1961 عندما قامت بعثة من البنك بزيارة إلى الكويت بمناسبة استقلالها، ونجحت البعثة في إصدار اول تقرير خاص عن الاقتصاد الكويتي في شهر نوفمبر 1961، وحمل التقرير عنوان «الحالة الاقتصاد في الكويت»، وهذا التقرير تم تقديمه الى صاحب السمو المغفور له الشيخ جابر الأحمد الصباح عندما كان يتقلد منصب وزير المالية آنذاك، فكان هذا التقرير هو بداية تعاون وثيق مع الكويت، ويؤكد على العمق الاستراتيجي في الشراكة بين البنك الدولي والكويت.
وتوجد اتفاقية لانضمام الكويت في البنك الدولي بموجب القانون رقم 23 لسنة 1962 واتفاقية انشاء مكتب للبنك الدولي سنة 2008. ومع مرور الوقت رأى البنك ضرورة لافتتاح مقر دائم له في الكويت، وتكلل ذلك النجاح في 2008 عندما تم اخذ الموافقات من الكويت لفتح المكتب، وبالفعل نجحنا في افتتاح الفرع في 2009.
ما الدور الذي يقوم به البنك الدولي بالكويت؟
٭ في البداية، أود أن اشير إلى ما هو البنك الدولي؟ وللتوضيح فإن البنك الدولي هو أحد الوكالات المتخصصة في الأمم المتحدة التي تعنى بالتنمية، ويعمل البنك على تخفيف حدة الفقر كهدف موسع لجميع أعماله، ويركز جهوده على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي تمت الموافقة عليها من جانب أعضاء الأمم المتحدة عام 2000، والتي تستهدف تحقيق تخفيف مستدام لحدة الفقر. ومجموعة البنك الدولي التي تأسست في عام 1944 هي مجموعة مؤلفة من 5 منظمات عالمية، مسؤولة عن تمويل البلدان بغرض التطوير وتقليل إنفاقه، بالإضافة إلى تشجيع وحماية الاستثمار العالمي.
وهناك 189 دولة عضوا في البنك الدولي والكويت واحدة من هؤلاء الأعضاء، ويهدف البنك الدولي الى هدفين أساسيين هما: الأول تخفيض معدلات الفقر المدقع حول العالم، والهدف الثاني رفع الرخاء المشترك ورفع مستويات الدول الاكثر فقرا من خلال التنمية الشاملة والمستدامة.
ولتحقيق هذين الهدفين يكون للبنك هدف تمويلي من خلال الخدمات المالية سواء قروض أو منح لهذه الدول الاعضاء، وبالنسبة للدول المرتفعة الدخل يتم تقديم استشارات فنية لما يسمى بالخدمات المعرفية الخاصة بالإصلاح، وتلك الخدمة تقدم لجميع الدول (الغنية والفقيرة)، ويقدم البنك الدولي الخدمات المعرفية إلى كل دول مجلس التعاون الخليجي وللصين وروسيا وإيطاليا ومالطا وقبرص واليونان بالإضافة الى العديد من الدول، وينسجم تزايد تقديم الخدمات الاستشارية مع التوجهات الاستراتيجية لإدارة مجموعة البنك الدولي للتحول التدريجي نحو نقل المخزون الكبير من المعرفة المتراكمة لديها إلى الدول الأعضاء بحيث يصبح البنك الدولي بنكا للمعرفة.
وبالنسبة للدور الذي يقوم به البنك الدولي في الكويت، فإنه وبطلب من الحكومة الكويتية نقوم بدعم الأولويات للتنمية المحلية، ونجح البنك في تقديم الدعم لكثير من القطاعات الموجودة سواء تقديم دراسات اقتصادية في مواضيع محددة مثل المواضيع المالية او التعليم والصحة أو من خلال المساعدة في وضع تشريعات اقتصادية.
أهم الخدمات التي تم تقديمها للكويت من قبل البنك الدولي؟
٭ هناك 4 محاور أساسية تم العمل من خلالها:
1 – القطاع الحكومي: وهو كل ما يخص الحوكمة والإدارة المالية وآليات تطوير القطاع العام، وإنشاء مؤسسات فعالة في الكويت مثل الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) وتم العمل بشكل كبير لوضع الهيكل الأساسي والتشريعات الخاصة والنظام المؤسسي، وكان للبنك دور كبير في إنشاء الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتم العمل بشكل مكثف على مدار 4 سنوات لإنشاء منظومة صندوق المشاريع، وبالفعل بدأنا نرى ثمار صندوق المشاريع في منح التمويل للمشاريع الشبابية الصغيرة والمتوسطة.
وكان للبنك الدولي دور فاعل وقوي ايضا في إنشاء هيئة حماية المنافسة، ومؤخرا كان لهم انجاز كبير في عدم وجود شركات تحتكر السوق وترفع الأسعار وتؤثر على الحالة المعيشية للمواطن الكويتي.
وفي قطاع التعليم قام البنك الدولي بالعمل مع وزارة التربية لأكثر من 10 سنوات، حيث يقوم البنك بجهود حثيثة لتطوير المنظومة التعليمية من خلال تطوير المناهج وتدريب المعلمين والتدريب الإداري منذ خلال كوكبة من الكفاءات الوطنية الفاعلة والمتخصصة في تطوير المناهج الدراسية من خبراء التعليم بكلية التربية الأساسية بالهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وكلية التربية بجامعة الكويت.
وقام البنك الدولي بعمل منظومة لحماية البيئة بالتنسيق والتعاون مع الهيئة العامة للبيئة، وتم العمل كذلك مع المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، حيث تم تقديم دراسة في عام 2015 حول الدورة المستندية والآن هذا التقرير قيد التنفيذ، حيث تم تشكيل لجنة وزارية لتنفيذ مخرجات التقرير.
وتم العمل كذلك مع هيئة تشجيع الاستثمار المباشر من خلال مؤشر سهولة ممارسة انشطة الأعمال، حيث انجزت الكويت مؤخرا طفرة في المؤشر بعدما أصدرت مجموعة البنك الدولي تقريرها السنوي السابع عشر في شأن بيئة الأعمال 2020 والذي احتلت فيه اربع دول عربية مراكز متقدمة من بين الدول العشر الأولى الأكثر تحسنا في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2020، حيث قفزت من المرتبة 97 إلى 83، مما يدل على الارادة السياسية القوية لتحسين بيئة الاعمال والقدرة على التنفيذ لتكون الكويت مستقطبة للاستثمارات.
ويسرت الكويت عملية البدء بالنشاط التجاري من خلال دمج الإجراءات للحصول على الترخيص التجاري وتبسيط تسجيل الشركات عبر الانترنت، كما يسرت الحصول على تصاريح البناء من خلال تبسيط الإجراءات ودمج المزيد من الجهات في منصتها الإلكترونية وتعزيز الاتصالات بينها وتقليص الوقت اللازم للحصول عليها.
ما الدور الذي تقوم به المؤسسة الدولية للتنمية IDA؟
٭ تعد المؤسسة الدولية للتنمية، عضو مجموعة البنك الدولي، أكبر مؤسسة إنمائية عالمية تعمل على إنهاء الفقر المدقع في الدول المنخفضة الدخل.
وتعتبر المؤسسة الدولية للتنمية من أكثر المنصات فعالية لمحاربة الفقر المدقع في أشد بلدان العالم فقرا. وتستطيع المؤسسة، باعتبارها واحدة من مؤسسات مجموعة البنك الدولي، الاستفادة من قاعدة عالمية من الخبرة في مجال التنمية والجمع بينها وبين الموارد المالية الكبيرة، على هيئة قروض ميسرة ومنح للبلدان الأشد احتياجا. وبفضل عضويتها في المؤسسة، لا يتسنى للكويت تعظيم أثر مواردها الإنمائية فحسب، بل أيضا تعظيم معارفها وقدراتها فيما نعمل معا على الاستثمار في البشر، والتغلب على العقبات التي تقف في طريق التنمية، والمساعدة على تنمية الاقتصادات.
ما الدور الذي تقوم به الكويت في المؤسسة الدولية للتنمية؟
٭ ساهمت الكويت من خلال الموارد المالية المتوافرة لدى المؤسسة الدولية للتنمية والتي تشارك فيها اكثر من 60 دولة مرتفعة الدخل حيث تقوم هذه الدول بوضع الاموال في الصندوق الخاص بالتنمية الدولية وتستخدم تلك الأصول لاحقا في تنمية الدول الاقل دخلا عالميا.
ويتم تغذية هذا الصندوق كل 3 سنوات، وتم عقد 18 دورة والكويت ساهمت منذ عام 1961 في وضع الاموال بهذا الصندوق، وقام صندوق مؤسسة التمويل الدولية في مساعدة اكثر من 120 دولة من حيث التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ما حجم الأموال التي ضختها الكويت في صندوق مؤسسة التمويل الدولية؟
٭ في آخر دورة للصندوق قدمت الكويت نحو 17 مليون دينار كويتي، وكحصة في الصندوق كاملا تساهم الكويت بـ 0.2% فقط كنسبة من اجمالي اصول الصندوق،، وهناك دول كبرى تقدم اموالا اكثر مثل الدول الأوروبية والآسيوية، حيث تقدم اليابان بمفردها 10% من حجم أصول الصندوق والولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا تقدم 12% لكل منهما.
ما توقعات البنك الدولي لوضع الاقتصاد العالمي في 2020 في ظل التخوف من حدوث أزمة مالية عالمية؟
٭ حذر البنك الدولي من إمكانية نشوب أزمة مالية عالمية جديدة عام 2020، على إثر حالة الركود الاقتصادي المتوقعة خلال الفترة القادمة، وقام البنك بإصدار التوقعات الاقتصادية العالمية في يونيو 2019، وسيتم اصدار التحديث في يناير 2020، وفي آخر حديث للبنك الدولي في اكتوبر الماضي على هامش الاجتماعات السنوية ابدى قلقا كبيرا حول وضع الاقتصاد العالمي، حيث نلاحظ أن هناك تراجعا كبيرا في التجارة بين الدول، خاصة أن الخلافات التجارية بين أميركا والصين بدأت تأخذ منحى كبيرا في تراجع الحركة الاقتصادية على مستوى العالم.
ولاشك ان هذه التوقعات أثارت المخاوف من حدوث أزمة مالية عالمية مشابهة للتي حدثت في 2008، والتي أدت إلى حدوث ركود عالمي وانهيار في بعض الاقتصادات وزيادة الديون الخارجية لبعضها.
أصدر البنك الدولي تقريره في شهر يونيو 2019، وللمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاما متوقعا تراجع معدل النمو في دول شرق آسيا الى دون 6%، وعند تراجع الاقتصاد في هذه الدول الكبرى ينعكس سلبا على كل الدول وتتأثر وتيرة الصناعة والتجارة العالمية، وفي حالة الكويت فتجارتها ترتبط مع الدول من خلال تصدير النفط الخام والمشتقات البترولية، وعندما تنخفض الصناعة والتجارة في الدول الصناعية الكبرى يبدأ انخفاض الطلب على النفط الخام ويصبح هناك انخفاض في اسعار برميل النفط الخام، وفي المحصلة عندما ينخفض سعر برميل النفط تكون هناك مشكلة في الاقتصاد الكويتي الذي يعتمد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
وأبدى البنك الدولي قلقه في أكثر من مرة حول التحديات الاقتصادية التي تهدد العالم، لكن في الوقت نفسه حث الدول بأن تقوم بإصلاحات تحمي نفسها من هذه التحديات.
بالنسبة للكويت، هل هناك قدرة على تجاوز اي ازمات او تحديات عالمية خلال 2020؟
٭ الكويت لديها من الفوائض المالية الضخمة التي يمكن ان تساعدها في تجاوز وتخطي أي تحديات في المستقبل، وهذا ما وجدناه في 2014 عندما انخفضت اسعار النفط بشكل كبير ولجأت الى صندوق الاحتياطي العام لسد العجز المالي في الميزانية العامة وأيضا الى الاقتراض من الأسواق المالية العالمية.
ومن خلال تصريحات وزارة المالية فإن أصول صندوق الاحتياطي العام تتضاءل عاما تلو الآخر، وهناك توقعات كثيرة ليست من البنك الدولي وإنما من الكويت بأنه في حال استمرار السحب من صندوق الاحتياطي العام فإن الكويت مقبلة بحلول عام 2021 على تراجع كبير للغاية من صندوق الاحتياطي، وهذا الأمر مقلق للغاية اذا لم يتم المحافظة على أصول الصندوق وتنميتها.
ما الاختلالات الاقتصادية التي يعاني منها الاقتصاد المحلي؟
٭ هناك 4 محاور اساسية يقوم البنك الدولي بالحديث حولها مع أصحاب الشأن في الكويت وهي كالتالي:
1- الانفاق الحكومي والمنظومة المالية التي تعتمد بشكل كامل على سعر النفط، فإيرادات الكويت تعتمد على اكثر من 93% على تصدير النفط، وبالتالي أي اختلالات في اسعار النفط يؤثر كليا على الموازنة العامة، وينبغي أن تكون هناك نظرة مستقبلية اكثر وضوحا لتلك الإشكالية والتركيز على القطاعات غير النفطية حتى تنجح الكويت في تخفيض وطأة انخفاض اسعار النفط.
2- سيطرة القطاع العام على الاقتصاد وفي المقابل انخفاض الانتاجية، وهذا امر معترف به من قبل الحكومة الكويتية، وينبغي ان تكون هناك نظرة أكثر ايجابية لما عليه القطاع العام وللتأكد من فاعليته ليخدم ويمكن الاقتصاد المحلي من خلال القطاع الخاص.
3- تنمية القطاع الخاص، كل الدول التي تقدمت وازدهرت نجحت في اعطاء دور أكبر وصلاحيات أوسع للقطاع الخاص، وفي الكويت رأينا إرادة سياسية لتحسين بيئة الاعمال، الامر الذي انعكس ايجابا على مؤشرات تحسين بيئة الأعمال الاخيرة، ولكن عند مقارنة بعض الدول المجاورة نرى ان السعودية تحسنت وتقدمت بـ 30 مرتبة على المؤشر والاردن تقدمت بـ 29 مرتبة والبحرين بـ 19 مرتبة، ونلاحظ ان الكويت تقدمت 14 مرتبة، وهذا الامر يؤكد أن الكويت لديها طريق طويل في الاصلاح.
4- رأس المال البشري.
يتألف رأس المال البشري من المعارف والمهارات والقدرات الصحية التي تتراكم لدى الأشخاص على مدار حياتهم بما يمكنهم من استغلال إمكاناتهم كأفراد منتجين في المجتمع، ويعتبر رأس المال البشري في الكويت وحسب تقييم البنك الدولي في المرتبة الـ 77 على مستوى العالم، وفي قراءتنا لرأس المال البشري فإن الكويتي الذي يولد اليوم وبعد تخرجه من المدرسة بعد 18 عاما يكون مكتسبا نحو 58% فقط من قدراته على التفاعل مع القطاعات، وبطريقة اخرى الفرد الكويتي يتخرج من الثانوية العامة بعد 18عاما له نفس التعليم والخبرة للطالب السنغافوري المتخرج من المرحلة المتوسطة، فهناك خسارة كبيرة للفرد الكويتي بالمنظومة التعليمية الموجودة.
وللإفادة يحدد مؤشر رأس المال البشري كميا مقدار مساهمة الصحة والتعليم في مستوى الإنتاجية المتوقع أن يحققه الجيل القادم من الأيدي العاملة، ويمكن للبلدان الاستعانة بهذا المؤشر لتقييم مقدار الدخل الذي تخسره بسبب الفجوات في رأس المال البشري.
وينبغي للكويت التركيز على الانتقال من الاهتمام بالثروة الطبيعية التي وهبها الله لها تحت الارض إلى ثروة رأس المال البشري.
ما النصيحة التي يقدمها البنك الدولي لتطوير التعليم في الكويت؟
٭ لا تختلف الكويت كثيرا عن باقي الدول ضمن المنظومة التعليمية التي تعتمد على مدار سنوات طويلة على الادوات التقليدية في التعليم، وفي المقابل نرى أن العالم تغير، والآن معظم الدول تعتمد على التكنولوجيا كأساس لتقدمها، وعلى اكتساب مهارات جديدة مختلفة عن السنوات السابقة والأجيال السابقة، ولابد ان يتواكب التعليم مع هذه المتغيرات.
وللتأكيد فإن المسار الذي يسير فيه التعليم في الكويت يواجه تحديات كثيرة، ويجب عدم التوقف والمضي قدما في عملية التطوير، لأن التوقف عن التطوير بسبب الانتقادات، أدى في دول أخرى إلى عدم تقدم العملية التعليمية، وتطوير التعليم يحتاج لسنين، فكوريا الجنوبية استغرقت قرابة 40 سنة.
الوصفة ليست سحرية نحو تطوير التعليم في اي دولة وانما هي واضحة والكثير من الدول اتبعتها ووصلت فيها الى العالمية وجودة التعليم، وكمثال النرويج واستراليا وسنغافورة واميركا قامت بتطبيق منظومة متكاملة للتعليم تبدأ من المعلم والمعرفة والكفايات والمهارات ولكن كان لهذه الدول نظرة استراتيجيه للتعليم وإرادة سياسية قوية نحو التطوير والإصلاح وقدرة على التنفيذ. وهنا في الكويت لابد من الاستفادة من هذه الدروس والتركيز على المعلم ووضع معايير لرخصة المعلم حتى تصبح لديه القدرة على ان يخلق جيلا قادرا على البذل والعطاء.
كما أن المناهج لابد أن تواكب التكنولوجيا وان تركز على أن تعطي مهارات للشخص في ان يصبح قادرا على التفكير والعمل الجماعي والتواصل مع الجميع والتعامل مع التكنولوجيا بشكل أكبر.
ما توقعات البنك الدولي لوضع الميزانية العامة للكويت خلال 2019؟
٭ 93% من إيرادات الكويت تأتي من تصدير النفط الخام وبالتالي كلما انخفض سعر البرميل ينعكس سلبا على الايرادات العامة للدولة، وفي الموازنة الحالية 2019/2020 الصادرة من قبل وزارة المالية تم بناء الميزانية على سعر برميل يبلغ 55 دولارا مع حجم تصدير يبلغ 2.8 مليون برميل يوميا والذي تم تخفيضه مؤخرا بحوالي 100 ألف برميل. وفي المقابل، هناك مصروفات ضخمة تذهب أغلبها على الباب الاول المخصص للرواتب وامتيازات العاملين والدعومات بما يقارب 70% من الموازنة، ونحو 3.4 مليارات دينار تخصص للإنفاق الاستثماري بما يقارب 15% فقط، وهناك تحويلات إلى صندوق الاحتياطي العام وصندوق الاجيال القادمة وفقا للقانون.
وبحسب رؤية وزارة المالية فان هناك عجزا يقارب 18% من الناتج المحلي وهذا العجز كبير جدا، وهنا تظهر المعضلة الاساسية وهي كيف نوازن بين الايرادات والمصروفات؟ والحل يكمن في حل تلك الاشكالية إما بزيادة الايرادات أو من خلال تقليص المصروفات او كلاهما.
ما توقعات البنك الدولي لقيمة العجز المالي في الميزانية الحالية؟
٭ هذا الأمر يعتمد على سعر برميل النفط الخام ويعتبر خللا كبيرا في الميزانية العامة، بحيث لا يمكن أن يكون هناك تطوير استراتيجي في الموازنة يعتمد على سعر النفط اليومي، وبالنسبة لحجم العجز المالي فسعر النفط المتوقع في الميزانية 55 دولارا، واعتقد ان تنتهي السنة المالية بسعر نفط يدور في فلك 62 إلى 63 دولارا للبرميل وحسب هذا التوجه، فإنه على الارجح ان يكون العجز اقل عما هو متوقع وبتقدير بـ 3 مليارات دينار.
وهذا العجز يتم سداده بطريقة واحدة وهي السحب من الاحتياطي العام.
ما سبل سد الكويت للعجز المالي؟
٭ لا توجد خيارات أمام الكويت حاليا لسد العجز المالي في الميزانية الحالية سوى السحب من صندوق الاحتياطي العام، حيث انتهى قانون الدين العام المحدد عند مستوى 10 مليارات دينار للاستدانة ولابد من صدور قانون جديد للدين العام.
وطالما هناك عجز مالي فإنه لا يوجد طريق سوى صندوق الاحتياطي او اتخاذ قرارات اخرى في زيادة الايرادات أو تخفيض المصروفات.
ما رؤية البنك لتخفيض المصروفات في الميزانية العامة؟
نحن في البنك الدولي لا نتحدث عن تخفيض رواتب أو مزايا مالية للموظفين في القطاع العام، فنحن لا نعطي وصفة معينة وإنما لابد من معالجة المنظومة كاملة، فالنظرة المتكاملة لابد ان تنضج في البحث عن ايرادات وتقليص مصروفات ووضع إطار استراتيجي للإنفاق والمالية العامة في الكويت.
ما دور البنك الدولي في خطة كويت جديدة 2035؟
٭ رؤية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد واضحة جدا وهي وضع الكويت كمركز مالي وتجاري واستخدام رأس المال البشري والاستفادة من الموقع الجغرافي للكويت، وهي رؤية بديعة، وبدأت الكويت في هذا الاطار والتنفيذ لرؤية 2035، وقامت الامانة العامة للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية بشكل حثيث في وضع الاطر التنفيذية لهذه الرؤية من خلال «كويت جديدة»، وتعمل الكويت على خطة التنمية الثالثة التي ستبدأ اعتبارا من بداية 2020 لمدة 5 سنوات وستركز على تطوير القطاع الخاص.
والكويت بدأت في اتخاذ الخطوات نحو تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل، كما ان الخطة الرابعة للتنمية قائمة على الاقتصاد المعرفي وبناء اقتصاد معرفي ليكون فيه رأس المال البشري هو المنتج الاساسي والخطة الخامسة التي ستوصل الكويت لعام 2035، المدن الذكية واستخدام التكنولوجيا كأساس لعملية التنمية.
ويقوم البنك الدولي الآن بوضع اطار للشراكة الوطنية مع الكويت للأعوام الخمسة القادمة، وللتأكيد، فإن كل عملنا سيكون متواكبا مع الاحتياجات الاستراتيجية لخطة التنمية.
هل يوجد دور للبنك الدولي في المنطقة الشمالية الاقتصادية؟
٭ ليس للبنك دورمباشر، ولكن في شهر مايو من العام الماضي كانت للبنك ورشة عمل حول هذا الموضوع مع الشيخ ناصر صباح الأحمد، حيث تم تقديم نماذج لما فعلته الدول الاخرى مثل سنغافورة وهونغ كونغ ودبي واستراليا والصين، وتم وضع هذه الخبرات العالمية امام صانعي السياسات والقرار.
ما النصيحة التي يقدمها البنك الدولي لنجاح هذا المشروع؟
٭ اعتقد انه من الذكاء ان تستغل الكويت رأس المال الجيوغرافي، فالكويت محاطة بدول كبيرة جدا واقتصاد استهلاكي ضخم للغاية واحتياجات تمويلية كبيرة جدا، فالكويت موقعها الجغرافي استراتيجي جدا خاصة فيما يتعلق بطريق الحرير او موقعها في شمال الخليج العربي لتكون محورا للتجارة والتنمية في دول أخرى.
تشجيع الاستثمار وتفعيل دور القطاع الخاص
قال الخوجة ان لدى البنك الدولي اهدافا لبرنامجه في الكويت لتشجيع الاستثمار وتفعيل دور القطاع الخاص ويهدف البرنامج الى استعراض البيئة القانونية والإدارية والسياسية الخاصة بالمستثمر الاجنبي والمحلي ووضع الاطار القانوني المناسب لتطوير البنية القانونية لبرنامج التخصص ومعالجة المعوقات والعمل على تبسيط الاجراءات القانونية والإدارية التي تواجه المستثمر ووضع خطة عمل لإزالة تلك العقبات في الجهات الحكومية.