المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةمقالات

البصريون يطالبون بالاقليم

 

بقلم: إياد الإمارة

منذ أن قَدِم الاحتلال البريطاني للعراق عام ١٩١٤ واهل البصرة يطالبون بوضع استثنائي لمدينتهم التاريخية التي تعتبر اول مدائن الإسلام تمصيرا وكانت حتى تشكيل اول حكومة عراقية عام ١٩٢١ ولاية مستقلة لها وال خاص وتتبع لها اراض شاسعة هي اليوم خارج الحدود الإدارية لمحافظة البصرة الحالية، فقد قدٌَمَ عدد من وجهاء المدينة عريضة موقعة للحاكم الإنكليزي “ولسن” طالبوا فيها ان يكون للبصرة جيشها الخاص وشرطتها الخاصة وامتيازات أخرى تخص المدينة، لكن هذه المطالب لم تحظ بإهتمام البريطانيين لأسباب لا مجال لمناقشتها الآن.
مع ذلك فإن هذه المطالب لم تتوقف وبقيت مستمرة حتى عام ١٩٥٨ الذي أصبح فيه العراق جمهوريا أكثر تعنتا واستبدادا مع الوحدات الإدارية خانقا إياها بسياسة مركزية مقيتة، وبقي الحال كما هو عليه حتى العام ٢٠٠٨.
بعد هذا التاريخ عاد البصريون من جديد للمطالبة بوضع استثنائي لمدينتهم نتيجة السياسات غير السوية من قبل حكومة المركز التي اهتضمت البصرة حقها ولم تعرها الاهتمام المناسب وبقيت المدينة تعاني مرارات قاسية لا تقل بشاعتها عن مرارات ما قبل العام ٢٠٠٣.
البصريون ومن منطلق مبادئ الدستور العراقي طالبوا بأن تكون البصرة اقليما مستقلا كما هو اليوم إقليم كردستان الذي يتمتع بامتيازات الإقليم الكبيرة، لكن الطلب جُوبه بقساوة غير مبررة من أطراف مختلفة حكومية وغير حكومية وجرت محاولات محمومة للنيل من هذا المطلب ومن القائمين عليه وكيلت التهم وسيقت الدعايات حول طلب إقامة الإقليم بطريقة خارجة عن السياقات الشرعية والأخلاقية، وتوقف المشروع مع استمرار اجحاف المركز للمدينة وعدم أعطائها لحقوقها الواجب على المركز توفيرها لها، بل يمكننا القول أن حكومة بغداد المركزية زادت في اجحافها للبصرة والبصريين! ..
استمر التسويف والمماطلة من حكومة المركز والبصرة تعاني الأمرين واهلها يتجرعون الأسى حتى العام ٢٠١٤ الذي تكررت فيه المطالبات بإقامة الاقليم وتحولت المطالبة إلى حركة قانونية وفق الدستور العراقي وقوانينه النافذة لكن الحكومة المركزية تعاملت بنفس طريقة الاجحاف السابقة متعذرة بعدم وجود تخصصات مالية نتيجة العوز الاقتصادي الذي مرت به البلاد، وحقيقة الأمر ليست كذلك إذ الحكومة المركزية وبعض القوى الأخرى المحلية والدولية غير راغبة بتحقيق مطالب البصريين او انصافهم بتوفير احتياجاتهم ومتطلباتهم التي تعتبر بالنسبة للبصريين حاجات ومطالب اساسية ضرورية جدا..
ومع نهايات العام ٢٠١٨ ومطلع العام ٢٠١٩ تتجدد هذه المطالب المتزامنة مع تشكيل حكومة مركزية جديدة هي الأخرى لم تجعل البصرة في دائرة الاهتمام لتستمر المعاناة مع البصريين الذين بدأ صبرهم ينفد ويهدد بما لا تحمد عقباه..
لذا يجدر بالحكومة العراقية الجديدة ومعها كل مراكز القوى المختلفة الموجودة في البلاد اخذ موضوع مطالبة البصريين بإقامة الاقليم بجدية وعدم تسويف الأمر او تسويقه بشكل غير لائق قبل فوات الأوان وقبل ان تنحدر الأوضاع في البصرة وفي بقية المدن الأخرى إلى منزلقات خطيرة جدا قد تهدد أمن العراق ووحدة أراضيه..
الحقيقة ان على الحكومة المركزية -ان كانت تعقل واقع العراق وتدرك حجم مشاكله- ان تسعى لدعم كل حراك مطالب بالاقليم ليس في البصرة وحسب بل في كل محافظة عراقية تطالب بإنشاء اقليما خاصا بها لأن ذلك اضمن لتحقيق آمال وتطلعات المواطنين كما أنه الأضمن لأمن العراق ووحدته، وعلى الحكومة المركزية أن تدرك ان محاولات عرقلة إقامة إقليم البصرة او أي إقليم آخر لن تجدي نفعا وهي محاولات غير دستورية وغير قانونية وسيكون مصيرها الفشل أمام اصرار شعبي على إقامة الأقاليم يبدأ من البصرة ولا ينتهي بها..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى