البراغماتية أنقذت لبنان من أزمة كبيرة

في القصر الجمهوري بدا المشهد غروب الخميس أشبه ما يكون بالكرنفال الرمضاني الذي انتهى، من دون إضاءة الفوانيس، بمعادلة لا غالب ولا مغلوب، التي اعتاد عليها اللبنانيون.
لكن مرسوم الدورة الاستثنائية، الذي وقعه رئيس الحمهورية ميشال عون، لم يغطّ دستورياً جلسة المجلس النيابي، التي دعا إليها رئيس المجلس نبيه بري في 5 يونيو المقبل. العقد الاستثنائي يبدأ في السابع من الشهر. ثمة غالب هو عون، وثمة مغلوب هو بري، الذي اعتبر أن الموعد لا يشكل استفزازاً.
كلمة «استفزاز» حادة جداً. رئيس الجمهورية قال «أنا سيد اللعبة الدستورية في هذه المرحلة وفي كل مرحلة».
لا أحد يتوقع أن تحدث الأعجوبة، ونظهر هكذا على مائدة إفطار غاب عنها التقشف والكيمياء بين الرجلين، لكن البراغماتية ضرورية جداً في الوقت الحاضر وإلا الفراغ، وإلا الانهيار.
فزاعة الفراغ
الكل وقفوا مذعورين أمام فزاعة الفراغ. السلطة التشريعية هي أم السلطات حتى إذا ما تعطلت باتت السلطات الدستورية الأخرى في حال انعدام الوزن، وربما أفضى ذلك إلى تفاعلات سياسية وبنيوية شديدة الخطورة.
ولكن ما حدث غروب الخميس لم يكن نزول الوحي أو هبوط كلمة السر من المدخنة. خلوة غسل القلوب بين عون وبري، وبينهما رئيس الحكومة سعد الحريري، أدت إلى الاتفاق على طرد الشيطان من التفاصيل، إن كان على مستوى الصوت التفضيلي أو على مستوى العتبة الوطنية التي حددت بـ10 في المئة.
عون: الدولة الفاسدة
عون، الذي تحدث عن فقدان الناس الثقة بدولة «فاسدة بجميع إداراتها»، اعتبر «أن إنجاز قانون الانتخابات خلال الأيام الآتية سيكون بداية استعادة الثقة، لأنه سيبرهن عن إرادة تحسين التمثيل الشعبي، وجعله أكثر توازناً، أفقياً بين مكونات الشعب اللبناني كافة، وعمودياً داخل كل مكون بحد ذاته».
بري ساوى بين كلماته و«أحاسيسه». قال «الأمور كانت إيجابية»، وأشار إلى أنه اقترح لجنة وزارية مصغرة لدرس التفاصيل التقنية فقط»، بعد ما تم الاتفاق على الخطوط العريضة.
النائب وليد جنبلاط، الذي التقى عون من دون سائر الأقطاب السياسيين، وصف ما حدث بـ«السهرة المباركة».
رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع كان حاسماً بأنه سيكون هناك اتفاق على قانون الانتخاب قبل 19 يونيو.
وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية، بيار رفول، اعتبر أن توقيع مرسوم العقد الاستثنائي «يعني أن قانون الانتخاب سيرى النور قريباً». أما تحديد بدء العقد في 7 يونيو فهو «لأعطاء المزيد من الوقت لانضاج القانون قبل تقديمه إلى العلن». ضمناً ليس للقفز فوق بري أو استفزازه.
وزير الخارجية جبران باسيل توجه إلى بكركي لوضع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في أجواء ما حدث، ليصرح من هناك بـ«أن من واجبنا إبلاغ البطريرك بأن الاقتراح أخذ طريق التنفيذ، وأكدنا له الاستمرار في المعركة لتحصيل الحقوق، وتصحيح التمثيل بشكل كامل كما للوصول إلى الدولة المدنية»، معلناً أن القانون الجديد سيقر بين السابع من يونيو والعشرين منه، أي خلال الدورة الاستثنائية.
وكان الحريري قد صرح بأن القانون سيكون جاهزاً في غضون يومين.
المشنوق: 7 أشهر
هذا عن القانون. ماذا عن الانتخابات؟ وزير الداخلية، نهاد المشنوق، زار بري ليصرح من هناك بـ«أننا بحاجة إلى 6 أو 7 أشهر لإجراء الانتخابات، لا سيما إننا بحاجة إلى دورة تدريبية مدتها 3 أشهر تحت رعاية الأمم المتحدة. وهذا الموضوع كله مطروح ضمن الخطة التي سلمتها للرئيس بري».
ولفت إلى أنه «يمكن من خلال عملية إعلامية مكثفة وطويلة الأمد، شرح قانون الانتخاب من خلال التقنيات الحديثة. وهذه المسائل لا علاقة لها بالسياسة، بل هي مسائل تقنية».
وهذا يعني أن الانتخابات لن تجري في شهر سبتمبر المقبل، كما أنه يتعذر إقامتها في الشتاء، مما يعني أن صناديق الاقتراع لن تفتح قبل الربيع المقبل، بعدما كان المشنوق قد أعلن أن الانتخابات ستجري قبل نهاية العام. وهكذا يمكن أن تمدد ولاية المجلس للمرة الثالثة، لتصبح «سنوات الخدمة» 9 سنوات بدلاً من أربع.
التعليقات حول التوافق بشأن قانون الانتخابات تختزل بالكلمات التالية: لبنان نجا من. .. أزمة كبرى!