المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

الاستخبارات العسكرية عصب الحرب ضد «داعش»

طوّر العسكريون الفرنسيون الذين يقاتلون داعش في سوريا والعراق تقنية تسمى GEOINT، تسمح لهم وفي وقت قياسي بتجميع ودمج كل المعلومات التي تصل عن طريق التصوير عبر الأقمار الاصطناعية والتنصت والملاحظات التي تصل عن طريق المخبرين. إنه تحد رقمي كبير يحتاج من العسكر الانفتاح على عالم الصناعة والبحث.
كانت هذه البناية التي تمتد على طول 3 طوابق، وكانت في السابق مقرا لبنك، تحتضن وإلى وقت قريب، مقر قيادة داعش في وسط الرقة، عاصمة تنظيم الدولة الإسلامية. تقع البناية غير بعيد عن استاد المدينة وهو مكان آخر احتله القادة الجهاديون، وتم تدميره حديثا بواسطة قنابل تزن 900 كلغ، تم توجيهها عن طريق الليزر. ليس نادرا أبدا أن يعود تنظيم الدولة الاسلامية إلى المناطق التي يتم تدميرها عن طريق هجمات موجهة، معتقدا أن هذه المناطق لن تُستهدف مرة ثانية من قبل طائرات التحالف، ولكن الرائد جان المختص في ادارة الاستخبارات العسكرية يقول وهو يتابع على شاشة كبيرة تعمل باللمس صور المنطقة المدمرة «لن يكون الامر كذلك هنا، تحليلنا للخسائر يؤكد ان لا أحد يوجد في هذه البناية».
يعكف 70 مدنيا وعسكريا موزعون بين القاعدة الجوية الفرنسية 110 ووزارة الدفاع ومسرح العمليات، على تطوير السلاح الجديد للاستخبارات العسكرية، وهو آلية تحديد الموقع أو ما يطلق عليه GEOINT، على أن يرتفع عدد الخبراء الذين يتقنون العمل بواسطته الى 105 في غضون 2018.
ويتعلق الأمر بمنظومة تشبه تطبيق غوغل إيرث، لكنها تسمح بوضع سلسلة الصور الملتقطة عن طريق القمر الاصطناعي او طائرات التعرف او الدرون على الخرائط الجغرافية، علاوة على التسجيلات الصوتية الناتجة عن عمليات التنصت وأيضا المعلومات التي يجمعها المخبرون على الأرض.
ويسمح تحديث هذه المعلومات بشكل دائم، وعلى الخصوص لدى مرور القمر الاصطناعي، بمقارنة المعلومات القديمة مع معطيات الاستخبارات الحديثة، وهنا يكون بالامكان اعادة رسم حركة الاعداء واستباق عملياتهم.
ويوفر GEOINT إمكانات رائعة بفضل قدرته على دمج المعلومات الاستخباراتية مع المعطيات الجغرافية والمعلومات البشرية وفق الجنرال كريستوف غوما قائد ادارة الاستخبارات العسكرية، إحدى اهم الإدارات الست في الاستخبارات الفرنسية.
وبالنسبة للرقة هناك «طبقات» متتالية، كل واحدة منها تتضمن معلومات تختلف طبيعتها، لكن يتم تطبيقها على خريطة المدينة، حيث كل نقطة تخضع للمراقبة عن طريق الاقمار الاصطناعية.وتسمح الطبقة الأولى بتمييز الخصائص الفيزيائية للمدينة وشرايين الدفاع الكبرى، وعلى الخصوص المتواجدة في شمال المدينة في مواجهة تحالف المقاتلين العرب والأكراد.
ويتم تزويد الخريطة بمواقع البنايات الادارية الاستراتيجية والثكنات، فيما تظهر على شاشات مركز الاستخبارات الجيوفضائية العسكرية مجموعات باللون الاحمر في عدة مناطق بالرقة، وهي المناطق التي تظهر فيها ترددات الهواتف التي تعمل بالساتل مرتفعة، علاوة على مناطق التجمعات البشرية كنقاط التفتيش والحواجز الأمنية، وتظهر في شكل نقاط باللون الازرق.
وبفضل اندماج كل هذه المعطيات يقول العميد بيير رئيس فرع الشام الذي يتضمن مدنيين وعسكريين، وتم انشاؤه في 2015، يتم حصر نطاق العمل والأولويات ويتم التوجه بسرعة للنقاط ذات المصلحة»
والبنك القديم الذي استولى عليه داعش هو واحد من هذه النقاط، فيما يتم تحليل المعلومات المتعلقة به من خلال الصور الجوية الملتقطة من قبل الاقمار الاصطناعية او الطائرات الخفيفة او الدرون.

نيران على شاحنة انتحاري
يقول المايجر جون إن العملية من تحديد الموقع إلى التحقق من صحة الهدف تتضمن أربعة مراحل ويمكن أن تأخذ عدة أسابيع». إحدى هذه المراحل تشمل تحديد المواقع التي يحظر ضربها والتي يمكن أن تسبب أضرارا جانبية.وتقع مدرستان على بعد 200و130 متر من البناية أي في محيط حرج جدا يقل عن 500 متر ويقول العميد بيير ان التأريخ ضروري للغابة.
سمحت المراقبة الدائمة للموقع بالتأكد من أن داعش لا يحتل المدرستين، بينما كانت حركة الشاحنات الصغيرة تقتصر على المنطقة المحاذية للبنك. بعد أن تم التأكد من صحة الهدف، تم نقل الملف الى المركز الوطني للاستهداف، ويقع هو الآخر في قاعدة كراي في فرنسا، وهو من يحدد نوعية الذخيرة التي ستستعمل في القضاء على الهدف، سواء كانت قنابل أو صواريخ.
كما تتدخل الاستخبارات العسكرية، وعلى الخصوص مركزها المخصص للتصوير لدعم المقاتلين في الميدان، وهو ما حصل فعلا في بداية عملية الموصل لمساعدة الاكراد على التقدم برصد الكمائن والشاحنات المفخخة التي ينشرها داعش. وفي فيديو تم تصويره في اكتوبر الماضي بفضل كاميرا كروية الشكل تم تثبيتها تحت طائرة خفيفة، نرى بوضوح إحدى سيارات الانتحاريين وهي تسير على طريق في ضواحي الموصل ثم تجتاز القوات الكردية في اتجاه المدينة. وتسمح الصور التي تنقل في الوقت الحقيقي بمباشرة الدعم الجوي بشكل فوري، وهو ما جرى فعلا، حيث انطلقت مقاتلات مباشرة وما هي الا ثوان وظهرت كومة من النار بعد ان دمر صاروخان شاحنة الانتحاري.
وعلى المدى الطويل تعمل الاستخبارات العسكرية على متابعة ازمات عدة في العالم، كالوضع في اوكرانيا ونقاط ساخنة أخرى كإيران وكوريا الشمالية او بحر الصين. وعلاوة على ذلك تنتج الاستخبارات العسكرية اسبوعيا 150 خريطة وعشرة ملفات لصناع القرار على المستوى الاستراتيجي او التكتيكي.
والاستخبارات ليست لبنة ضرورية في الجيش من اجل تنفيذ عمليات، وإنما هي عنصر اساسي ومع تعاظم التحديات والحرب على الإرهاب أصبحت من الاولويات. فمن 2016 والى غاية 2019، ينتظر ان يرتفع عدد افراد الاستخبارات العسكرية من 1700 فرد إلى 2100 شخص.
وستتعزز امكاناتها بطائرتي مراقبة وتعرف خفيفتين في 2018، وفيما يخص الأقمار الاصطناعية فتتميز فرنسا باستقلاليتها، ولكن ستعزز ما تتوافر عليه من طاقات ببرامج مثل برامج موزيس وسيريس التي تضاعف قدرات الملاحظة والكشف الفضائي، لكن الامر ليس كذلك مع طائرات الدرون، حيث لا تزال فرنسا معتمدة على الاميركيين خاصة في منطقة الساحل.
لكن التحدي الكبير الذي تواجهه فرنسا هو في مكان آخر، ويتعلق الامر بتطويع الثروة الرقمية للسماح للاستخبارات بالحفاظ على فعاليتها ودورها، ألا وهو حماية البلد لان كمية المعلومات التي تجمع تستحيل معالجتها جميعا، وفي الوقت الراهن لا تتم معالجة سوى 20 في المئة من المعلومات.
وتتلقى ادارة الإستخبارات العسكرية 150 صورة يوميا، لكن العدد يرتفع 10 إلى 20 مرة في 220 وفق الجنرال غومار.

البحث العلمي
بعد 25 عاما من تاسيسها من قبل بيير جوكس للاستجابة لحاجة استقلالية الاستخبارات العسكرية الوطنية بعد حرب الخليج، تبدو ادارة الاستخبارات العسكرية مجبرة على التجديد، وفي هذا الشان يقول الجنرال غومار «علينا ان نفتح على المجتمع المدني والعمل معه لايجاد حلول لمشاكلنا».
ومن بين أولويات ادارة الاستخبارات العسكرية الكشف الأوتوماتيكي للسيارت من خلال التصوير عن طريق الاقمار الاصطناعية والتعرف على الوجه، ففي الولايات المتحدة قامت السي اي ايه بالاستثمار في هذه الابحاث مع عدة شركات.

■ لوفيغارو ■

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى