«الإعدام».. جدل مزمن بين الشريعة وحقوق الإنسان
بينما رصد تقرير منظمة العفو الدولية الأخير تراجعا في تنفيذ عمليات الإعدام حول العالم، بواقع الثلث تقريبا في 2016 الذي شهد إعدام 1031 مداناً، مقابل 1634 في 2015، يُنتظر أن تنفذ الأجهزة المعنية في الكويت أحكام إعدام بحق عدد من المدانين في جرائم مختلفة، وذلك قبل شهر رمضان المبارك، بينهم مواطنون، الأمر الذي يعيد الجدل القانوني والحقوقي والسياسي في هذه العقوبة بقوة إلى الشارع الكويتي، بين مؤيد ومعارض، ومحايد.
واعتبر معارضون لإعادة الكويت العمل بالإعدام (حيث نفّذت في 25 يناير الماضي 7 أحكام بالعقوبة، وهي أول دفعة إعدامات تنفذ في البلاد منذ 2013)، اعتبروا ذلك «انتكاسة كبيرة لحقوق الإنسان ولمنظومة العدالة الجنائية»، في حين رأى مؤيدون للعقوبة أن في الإعدام «ردعاً يحدّ من انتشار الجريمة، ويحصّن المجتمع ويحميه».
وما فتئ «الإعدام» كوسيلة ردع، يمثل أكثر المواضيع جدلية، وفق خبراء وأكاديميين؛ ففي وقت يرى فيه بعضهم أن العقوبة تردع حقا، يرى آخرون أن واقع الحال لم يثبت ذلك، وأن الأصل في الحد من الجريمة مكافحة أسبابها.
القبس استمزجت آراء أكاديميين وناشطين حقوقيين ومسؤولين، عن الإعدام ومدى فعاليته في الحد من وقوع الجرائم، وعن الآثار النفسية المترتبة على المدان عند النطق به أمامه، وآثاره كذلك في مجرمين محتملين في المجتمع، إلى جانب الرأيين الشرعي والحقوقي بشأن العقوبة.
لدفاع عنهم»، مشيراً إلى أن «هذه الأحكام أيدتها أعلى هيئة قضائية في البلاد، وهي محكمة التمييز، وحازت حجية الأمر المقضي، وأصبحت عنواناً للحقيقة التي لا جدال فيها».
وأفاد بأن «الكويت بتنفيذها هذه الأحكام لم تخالف أياً من المواثيق المصادق عليها، وبشكل خاص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، والأعراف الدولية، والإعلان الخليجي لحقوق الإنسان»، مؤكداً أن «القوانين الوطنية تحيط عقوبة الإعدام بضمانات متعددة، ودليل ذلك أن تلك الأحكام تصدر عن سلطة قضائية مستقلة تتمتع بالحياد والاستقلالية وعدم الانحياز وعلانية الجلسات، فضلاً عن كفالة حق الدفاع للمتهم».
الغنيم: «عالمية» حقوق الإنسان لا تعني انتفاء القيم
كشف مندوب الكويت لدى الأمم المتحدة في جنيف السفير جمال الغنيم، عن توجه لدى الأمم المتحدة لـ «عالمية» حقوق الإنسان، مشيرا إلى وجود «جدل حول عالمية هذه الحقوق». وأوضح الغنيم ـــ في تصريح نقلته عنه «كونا» على هامش ترؤسه وفدا كويتيا رفيع المستوى للدورة الــ 12 للجنة حقوق الإنسان العربية (لجنة الميثاق) والمخصصة لمناقشة التقرير الوطني الأول المقدّم من الكويت في يناير الماضي ـــ أن هذا الجدل يدور حول أن عالمية حقوق الإنسان «لا تعني انتفاء الثقافات والقيم»، مبينا كمثال «قضية الإعدام في ظل مطالبات دولية بإزالتها من التشريعات، في حين الدول الإسلامية لا تستطيع إزالتها، لأن هذا جزء من الشريعة الإسلامية».
طاهر البغلي: الأصل في العقاب تقويم الشخص.. لا إلغاء وجوده
وأشار البغلي في تصريح لـ القبس، الى ان هدف العقوبة تقويم الشخص المجرم وإعادته الى المجتمع بصورة أفضل، بينما الاعدام يلغي وجوده نهائيا.
وأكد أن الاعدام ينتهك أحد أهم حقوق الانسان، وهو «الحق في الحياة»، مشددا على انه لا يجوز تجزئة هذه الحقوق أو الانتقاص منها.
ولفت البغلي إلى أن أسلوب الاعدام لا يليق بالمجتمع وحداثته، فليس من المعقول أن تنتهج السلطات أسلوب المجرمين ذاته أو ترد عليهم بالمثل، مشيرا إلى ان الادعاء بانها «عقوبة رادعة» لا يعتّد به، فبالرغم من ممارسة تنفيذها فإنها لم تخفض عدد الجرائم التي عوقب مرتكبوها بسببها.ليس شرعيا
وفي ما يتعلق بالناحية الشرعية، قال البغلي إن تطبيق الاعدام في العديد من الدول، ومن ضمنها الكويت، أساسه ليس شرعيا، فهناك جرائم لم ينص الشرع على أن عقوبتها الاعدام، لكن القانون يقر لها هذه العقوبة كتاجر المخدرات، لافتا إلى أن الشرع أيضا لم يضع الاعدام إجباريا، في حال القتل العمد، بل اختياريا، حيث يجوز لأهل الضحية التنازل، وأن من الأفضل لهم شرعا التنازل عن حقهم في القصاص وأجرهم على الله، مما يؤكد أن الاسلام شجّع العفو.طلال العلي عن التأثير النفسي للإعدام: التوسُّع في تنفيذه نتائجه عكسية