المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

الافتراضي

استعادة الرياض على يد المؤسس اللبنة الأولى لتوحيد المملكة

يعد الخامس من شهر شوال عام 1319هـ /1902م اللبنة الأولى لتأسيس المملكة العربية السعودية وهي السنة التي استعاد فيها الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ الرياض , في حين تعود جذور هذا التأسيس إلى مائتين وخمسة وسبعين عامًا عندما تم اللقاء التاريخي بين الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمهما الله – عام 1157 هـ / 1744 م، فقامت بذلك الدولة السعودية الأولى على أساس الالتزام بمبادئ العقيدة الإسلامية ثم جاءت الدولة السعودية الثانية التي سارت على الأسس والمبادئ ذاتها .
وعندما بدأ الملك عبد العزيز في مشروع البناء الحضاري لدولة قوية الأركان كان يضع نصب عينية السير على منهج آبائه فأسس دولة حديثة قوية استطاعت أن تنشر الأمن في أرجائها المترامية الأطراف وان تحفظ حقوق الرعية بفضل التمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وامتد عطاؤها إلى معظم أرجاء العالمين العربي والإسلامي وكان لها اثر بارز في السياسة الدولية بوجه عام بسبب مواقفها العادلة والثابتة وسعيها إلى السلام العالمي المبني على تحقيق العدل بين شعوب العالم .
وجاءت عهود أبنائه من بعده الملك سعود والملك فيصل والملك خالد والملك فهد والملك عبدالله رحمهم الله وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله امتدادًا لذلك المنهج القويم .
إن استحضار أحداث ذلك اليوم في نفوس أبناء المملكة عون على شكر الله عز وجل على نعمه وتذكير بأن هذه البلاد التي قامت فيها الدعوة والدولة معا لا تزال وفية لعهد أجيال التأسيس والتوحيد مستمدة منهجها في الحياة من كتاب الله وسنة نبيه .
ويرصد هذا التقرير جهود الملك عبد العزيز والرجال الذين رافقوه في مسيرته المظفرة لاسترداد الرياض عام 1319هـ / 1902.

* (استرداد الرياض)
أوردت دارة الملك عبد العزيز رحلة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله – ورجاله من الكويت إلى الرياض بدءًا من عام 1308هـ / 1890م حين غادر الملك عبد العزيز الرياض وهو يفكر ويخطط للعودة إليها وإعادة تأسيس الدولة السعودية وجاءت محاولة استرداد الرياض عام 1318هـ / 1901م نتيجة لهذا العزم ورغم أن هذه المحاولة لم يكتب لها النجاح إلا أنها زادته إصرارًا على العودة مرة أخرى لذلك قاد الملك عبد العزيز في شهر ربيع الآخر عام 1319هـ مجموعة من أفراد أسرته ورجاله متجهًا بهم من الكويت إلى أطراف الأحساء حيث قام بعدد من التحركات الناجحة بقصد تكوين قوة كافية لاسترداد الرياض وانضم إليه في تلك الفترة أعداد من أفراد القبائل في المنطقة تجاوز عددهم الألفين في فترة امتدت حوالي أربعة أشهر إلا انه نظرًا لمضايقة الدولة العثمانية له ولأتباعه انفض عنه الكثير منهم ولم يبق معه إلا ثلاثة وستين رجلا من أقربائه ورجاله الذين خرجوا معه من الكويت ومجموعة مخلصة أخرى انضمت إليه خلال تحركاته التي قام بها أثناء المسيرة التي سبقت دخول الرياض.
بدأ الملك عبد العزيز في تنفيذ خطته لاسترداد الرياض في الحادي والعشرين من شهر رمضان ووصل مع رجاله إلى مورد أبو جفانا يوم عيد الفطر ثم ساروا منه في الثالث من شوال متجهين إلى الرياض حيث وصلوا إلى (ضلع الشقيب) وهو ضلع يقع بجبل أبي غارب جنوب الرياض، وذلك في الرابع من شوال عام 1319هـ الثالث عشر من يناير 1902م.
وأبقى الملك عبد العزيز بعض رجاله عند الإبل والأمتعة لحراستها وليكونوا مددًا وعونًا له بعد الله فيما لو احتاج إليهم وزودهم بالتعليمات والأوامر وكان من تعليماته التي ألقاها إليهم ( إذا ارتفعت الشمس شمس الغد ولم يأتكم خبرنا فعودوا إلى الكويت وكونوا رسل النعي إلى أبي وإذا أكرمنا الله بالنصر فسأرسل لكم فارسًا يلوح لكم بثوبه إشارة إلى الظفر ثم تأتوننا ).

* (خطة الهجوم على المصمك)
سار الملك عبد العزيز مع بقية رجاله إلى الرياض على الأقدام يقول الملك عبد العزيز : “فنحن مشينا حتى وصلنا محلاً اسمه (ضلع الشقيب) يبعد عن البلد ساعة ونصف للرجلي هنا تركنا رفاقنا وجيشنا ومشينا على أرجلنا الساعة السادسة ليلاً وتركنا عشرين رجلا عند الجيش والأربعون مشينا لانعلم مصيرنا ولاغايتنا ولم يكن بيننا وبين أهل البلد أي اتفاق”.
وعلى مشارف الرياض قسم الملك عبد العزيز جيشه إلى قسمين أبقى القسم الأول بقيادة أخيه الأمير محمد ومعه (33) رجلاً في بستان قرب بوابة الظهيرة خارج سور الرياض وتسلل الملك عبد العزيز مع ستة من رجاله للوصول إلى بيت عامل ابن رشيد ( عجلان ) .
كانت خطة الملك عبد العزيز مبنية على مهاجمة عجلان في منزله دون أن يتعرض الأهالي في المدينة إلى أي أذى إلا أن الملك عبد العزيز فوجئ بما لم يكن في حسبانه عندما علم أن عجلان يبيت في حصن المصمك ولايخرج منه إلا في الصباح عندها أرسل الملك عبد العزيز في طلب أخيه والرجال الذين كانوا معه للتشاور فيما يمكن عمله فتسللوا إلى بيت عجلان .
واجتمعوا مع الملك عبد العزيز حيث تشاوروا في تنفيذ خطة الهجوم على المصمك وما أبداه الملك عبد العزيز – رحمه الله – من سرعة بديهة وتغيير في خطة الهجوم والعمل على اقتحام المصمك حيث تمكن من ذلك , ودخل عبد العزيز المصمك واستقبله أهالي الرياض مبايعين له ومسرورين بعودته .
وهكذا حقق الله سبحانه وتعالى بهذا الاسترداد للملك عبد العزيز ما كان يصبوا إليه وكان استرداد الرياض اللبنة الأولى في تأسيس المملكة العربية السعودية على مبادئ الشريعة السمحة وأساسًا لما وصلت إليه هذه البلاد من عز وتمكين وما أفاء الله به عليها من أمن واستقرار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى