المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

ارتفاع استثنائي في إصدار الصكوك

قالت «إس اند بي غلوبل» إن أداء سوق الصكوك كان قوياً في النصف الأول من عام 2017، إلا أن ذلك لا يعني بأنه سيستمر بهذا الاتجاه. وارتفع إصدار الصكوك بنسبة %37.7 في النصف الأول من هذا العام، مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2016، مدعوماً بشكل رئيسي من الإصدارات الضخمة لبعض دول مجلس التعاون الخليجي. توجهت الحكومات لإصدار الصكوك السيادية لأنه كان لديها الوقت للقيام بالإصدار، ولأنها أرادت تنويع قاعدة المستثمرين لديها، وللاستفادة من ظروف السيولة الجيدة في الأسواق المالية المحلية والعالمية.
وفي حين أن وكالة «إس اند بي غلوبل» تتوقع بأن يبقى حجم إصدار الصكوك قوياً في عام 20177، إلا أنه من المرجح أن يكون هذا استثنائياً وليس قاعدة جديدة، ومن غير المرجح أن يتم في عام 2018 إصدارات بحجم هذه الإصدارات الضخمة التي تمت في عام 2017. ولا تزال الوكالة تعتقد أن الإجراءات المعقدة نسبياً لإصدار الصكوك لا تزال سبباً في إحجام بعض المُصْدرين عن التوجه للصكوك. مع ذلك، نلاحظ بأن هيئات وضع المعايير في قطاع التمويل الإسلامي حققت مؤخراً بعض التقدم في هذا المجال.
وتتوقع الوكالة أن يبلغ إجمالي إصدارات الصكوك ما بين نحو 75 – 80 مليار دولار في عام 20177، مرتفعةً عن توقعاتها السابقة ما بين 60 – 65 مليار دولار. هناك سببان رئيسيان يفسران تحديث توقعات إصدارات الصكوك: عدم وجود ضغوط على الحكومات تدفعها لجمع التمويل بسرعة ورغبتها في تنويع قاعدة المستثمرين، والوضع الجيد للسيولة الإقليمية والعالمية.

تراجع الضغوط على الحكومات لجمع التمويل
ساعد استقرار أسعار النفط، وسياسة استجابة حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، وإصدارات السندات الكبيرة خلال الأشهر الـ 18 الماضية في الحد من ضغوط السيولة على بعض حكومات دول المجلس. وبعد لجوء هذه الحكومات إلى أسواق السندات التقليدية، توجهت الآن إلى سوق الصكوك لتنويع قاعدة المستثمرين والاستفادة من مصادر السيولة المحلية والإقليمية. لا نزال نتوقع احتياجات تمويلية كبيرة لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، والتي نقدرها بنحو 275 مليار دولار ما بين العامين 2017 و2019. نعتقد بأنه سيتم تمويل نحو %50 من هذه الاحتياجات من خلال الدين، عبر إصدار السندات والصكوك. مع ذلك، من المرجح أن تستمر الحكومات في تفضيل السندات على الصكوك.

السيولة الإقليمية والعالمية
لاحظنا خلال العامين الماضيين تراجعاً في السيولة لدى الأنظمة المصرفية لدول مجلس التعاون الخليجي نتيجةً لتراجع تدفق الودائع إليها. وقد بدأ هذا الوضع ينقلب في النصف الأول من عام 2017، وذلك بفضل استقرار أسعار النفط. علاوة على ذلك، لاحظنا بأن بنوك دول مجلس التعاون الخليجي تميل إلى الاحتفاظ بكميات كبيرة من النقد والأدوات المكافئة للنقد في ميزانياتها العمومية. وفي ظل الظروف التشغيلية الحالية الصعبة على البنوك، وتحديداً انخفاض فرص الإقراض لديها، نعتقد بأن بعض هذه البنوك قد تلجأ إلى تحويل جزء من السيولة لديها إلى أصول تحقق دخلاً أكبر مقارنةً بالنقد والأدوات المكافئة للنقد. وفي هذا السياق، يبدو أن السندات والصكوك أكثر جاذبية من الودائع بين البنوك أو الودائع لدى المصارف المركزية.
حافظت السيولة العالمية أيضاً على وضعها الجيد في النصف الأول من عام 20177 ونتوقع بأن تستمر على هذا النحو في النصف الثاني من العام أيضاً. سيواصل برنامج التسهيل الكمي للبنك المركزي الأوروبي، والزيادة البطيئة في أسعار الفائدة لدى البنك الاحتياطي الفدرالي الاميركي، والسيولة الجيدة لدى بعض الدول الآسيوية دعم نشاط السوق المتعلقة بإصدار السندات والصكوك. وقد تشهد تكلفة التمويل ارتفاعاً على الرغم من قيام البنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة ومع بدء البنك المركزي الأوروبي بتخفيف برنامجه للتسهيل الكمي. نتوقع زيادة إضافية بمقدار 25 نقطة أساس في أسعار الفائدة لدى البنك الاحتياطي الفدرالي الاميركي بحلول نهاية عام 2017، بعد الزيادة الأخيرة التي كانت بمقدار 25 نقطة أساس في يونيو 2017. مع ذلك، نتوقع تطبيعاً للبنك المركزي الأوروبي على مدى فترة طويلة، مع وصول برنامج التسهيل الكمي (اقتراب) إلى الصفر بنهايةعام 2018 – مع احتمال حدوث مزيد من التأخير حتى عام 2019 في حال تعرضت الظروف الخارجية (أسعار السلع وسعر الصرف) إلى المزيد من الانكماش – وبدء تحرك أسعار الفائدة في عام 2019. ونظراً لانخفاض أسعار الفائدة في الأسواق المتقدمة، فإنه من الممكن أن يبقى مُصْدرو الأسواق الناشئة ممن لديهم تجارب ائتمانية جيدة ضمن دائرة اهتمام المستثمرين، كما هو ظاهر في معدلات الاكتتاب الكبيرة في بعض المعاملات الأخيرة. لذلك، نتوقع استمرار تدفق السيولة إلى قطاع الصكوك من الأسواق المتقدمة.

تعقيدات الإصدار
لا تزال عملية إصدار الصكوك أكثر تعقيداً وتستغرق وقتاً أكبر من إصدار السندات، إلا أن الفجوة في الوقت والتكلفة قد تراجعت على مر السنين. من جهة إيجابية، شهدنا في النصف الأول من عام 2017 قيام هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية (أيوفي) وغيرها من الهيئات ذات الثقل في القطاع المالي، بدفع السوق نحو المزيد من توحيد المواصفات. قامت «أيوفي» بإصدار مسودات تعرض موحدة حول المجالس الشرعية المركزية ومحاسبة الصكوك. وفي حين أن الإجراءات التي اتخذتها «أيوفي» تستجيب بشكل مباشر للتعقيدات المرتبطة بالامتثال لأحكام الشريعة والهكيلية القانونية للصكوك، لا تزال عملية إصدار الصكوك أكثر تعقيداً مقارنةً بعملية إصدار السندات التقليدية. وحتى نصل إلى ذلك الهدف، نعتقد بأن المُصْدرين سيميلون إلى تفضيل السندات التقليدية على الصكوك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى