اتفاق «أوبك»… رهن بقاء تعاون حسّاس سعودي – روسي
فيما احتفلت منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» باتفاق تاريخي لتوسيع نطاق خفض الإمدادات، لم تسجل ردة فعل قوية لأسعار المحروقات صعوداً كما كان مؤملاً، فيما بقيت حركة الأسواق حذرة رغم تسجيل بعض الارتفاعات.
من ناحيته، قال رئيس مؤتمر «أوبك»، وزير النفط السعودي، خالد الفالح، إن قرار تمديد العمل بخفض سقف إنتاج النفط لمدة 9 أشهر إضافية، سيكون في مصلحة المنتجين كافة (وكالات)، وبما يضمن تحقيق الاستقرار في السوق العالمية. وأعرب الفالح في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، والأمين العام لمنظمة «أوبك» عقد في فيينا في ختام اجتماع بين وزراء نفط دول «أوبك»، وخارجها، عن ثقته الكبيرة بتعافي واستقرار أسواق النفط بعد تعهد المنتجين بمواصلة العمل بقرار تقليص المعروض من النفط الخام. وأكد أن جهود المنتجين ستتواصل من أجل تنفيذ التعهدات التي قطعت في فيينا، معرباً عن أمله في ارتفاع الطلب العالمي على النفط خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي، وتحسن أوضاع السوق. ولفت إلى عدم قلقه مما اسماه هبوطاً «فنيا» في أسعار النفط، وثقته في أن الأسعار سترتفع في الوقت الذي تتقلص فيه المخزونات العالمية لأسباب، من بينها انخفاض الصادرات السعودية من الخام إلى الولايات المتحدة. من جانبه، وصف وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك، نتائج اجتماع فيينا، بالناجحة جداً، وأنه جاء بعد الاتفاق التاريخي الذي وقع نهاية العام الماضي بخفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يومياً، موضحاً أن لجنة مراقبة الاتفاق قد تبحث إمكانية تعديل خيارات الاتفاق خلال اجتماع لها. ورداً على سؤال عما إذا كانت بنود الاتفاق الذي جرت الموافقة على تمديده يمكن أن تتغير من الناحية النظرية، أوضح «يمكننا عقد (اجتماع اللجنة) في أي وقت، لكن بموجب الخطة فإنها تجتمع كل شهرين». ودعا نوفاك إلى مواصلة الجهود المشتركة للمنتجين من داخل وخارج «أوبك» للأشهر التسعة المقبلة، والالتزام بقرار خفض الإنتاج من أجل تحقيق الاستقرار في السوق، وضمان مصالح المنتجين والمستهلكين. وشدد على أن التعاون بين «أوبك» وباقي المنتجين من خارجها، سيستمر في المستقبل، وسيتجاوز مسألة تحقيق الاستقرار في السوق ليشمل التعاون عبر الأطر الثنائية والمتعددة الأطراف. في هذه الأثناء، انخفض سعر برميل النفط الكويتي 67 سنتاً في تداولات الخميس، إلى 50.3 دولار، مقابل 50.97 دولار للبرميل في تداولات الأربعاء الماضي، وفقاً للسعر المعلن من مؤسسة البترول. وفي الأسواق العالمية، واصلت أسعار النفط هبوطها أمس، بعد قرار قادته «أوبك» بتمديد تخفيضات إنتاج الخام يرى البعض إنه غير كاف لتقليص تخمة المعروض في الأسواق العالمية. وانخفضت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج «برنت» 37 سنتاً إلى 51.09 دولار للبرميل، ونزلت العقود الآجلة لخام «غرب تكساس» الوسيط الأميركي 31 سنتاً إلى 48.59 دولار للبرميل، وبلغت أدنى مستوى لها خلال الجلسة عند 48.18 دولار للبرميل. من جهة أخرى، قال تجار إن صادرات السعودية من النفط الخام، تتجه للهبوط إلى 6.503 مليون برميل يومياً في مايو لتصبح دون 7 ملايين برميل يومياً للمرة الأولى في 2017 وفق برنامج تحميل غير نهائي. ومن المنتظر أن تكون صادرات مايو الأدنى منذ سبتمبر 2016، حين بلغت صادرات النفط من أكبر مصدر للخام في العالم 6.469 مليون برميل يومياً، وفقاً للتجار. وأضافوا أنه من المرجح أن يؤدي تراجع الصادرات إلى هبوط كبير في واردات النفط الخام الأميركية في يوليو. من ناحية أخرى، بيَّنت تحليلات لوكالة «بلومبرغ» أن الاتفاق الجديد الموقع في فيينا لتمديد مدة الخفض لتسعة أشهر إلى مارس 2018، رهن بقاء تعاون حساس سعودي – روسي، كما قد يواجه تحديات كثيرة أبرزها مدى التزام الدول الأعضاء في «أوبك» بخفض الإنتاج في حال استمرار ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، والذي قد يغري الكثير من الدول النفطية الموقعة على الاتفاق بعدم الالتزام بوعودها الخاصة بالإنتاج. وتساءلت الوكالة عن مدى قدرة منظمة «أوبك» الحفاظ على تعديل الإنتاج والتحكم في الأسعار العالمية. وقال رئيس الاستثمار في الطاقة في شركة «جي بي مورغان» لإدارة الأصول إبيل كيمري، لتلفزيون «بلومبرغ» إن أكثر ما يقلقه هو عدم وجود رسائل واضحة حول إستراتيجية الخروج من الاتفاق، خصوصاً أن السوق في 2018 قد تسجل زيادة في المعروض النفطي. وتزايد قلق المحللين إزاء عدم وجود إستراتيجية ناجحة لكيفية تعافي أسعار النفط، مشككين في جدوى تمديد إتفاق «أوبك». وأوضح خبراء لـ «بلومبرغ» أن تأثير الاتفاق حتى اليوم لا يذكر، نظراً لارتفاع مستويات مخزونات النفط العالمية بسبب ارتفاع الإنتاج من جانب الدول المنتجة التي لم تشارك في الاتفاق، مثل ليبيا، وكذلك بسبب الزيادة المستمرة في إنتاج النفط من الصخر الزيتي في الولايات المتحدة. وأشار المراقب في «أوبك» روجر ديوان، في تصريح لـ «بلومبرغ» إلى أن اتفاق فيينا قد يمتد طويلاً وقد يسهم في رفع سعر البرميل بين 50 و60 دولاراً. وتوقعت «بلومبرغ» زيادة التنافس وصولاً إلى درجة معركة محتدمة على بين الدول غير الموقعة على اتفاق فيينا على الحصة السوقية في أسواق الطاقة الدولية، وأن تتسارع وتيرة إنتاج النفط الصخري في أميركا ليزيد الإنتاج بنحو 500 ألف برميل على الأقل في الربع الأخير من العام الحالي. |