المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

اقتصاد

إنشاء «السكك الحديدية».. صمام أمان للاقتصاد

د. بلقيس دنيازاد عياشي –

تعد التنمية الاقتصادية والرفاهية هي أهداف رئيسية لأي دولة، ولتحقيقها يتوجب الاعتماد على العديد من السبل لعل أبرزها الإنفاق الاستثماري، لما له من آثار إيجابية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وذلك من خلال التركيز على مشاريع البنية التحتية، وتلقى مشاريع البنية التحتية اهتماماً بالغاً من قبل الكثير من الدول، وذلك بسبب الدور البارز والتأثير الإيجابي الذي تحدثه على المدى الطويل.
ولعل أهم التجارب الناجحة في هذا الصدد هي تجربة الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص الاستثمار في قطاع السكك الحديدية، من خلال عدة خطط استثمارية، لعل أبرزها العمل على مشروع سكك حديدية خفيفة بقيمة 2 مليار دولار في منطقة Minnesota، وهو أكبر مشروع للبنية التحتية في الولاية، والذي قد يساهم في تجنب الركود الاقتصادي، وفق تقرير صادر من Bloomberg.

السكك وتجنب الركود
يعد إنشاء خطوط السكك الحديدية أداة مثالية لتطبيق الخطط الحكومية لتحفيز الاقتصاد العالمي، حيث تستوعب هذه الصناعة أعداداً ضخمة من العمالة، بالإضافة إلى إعطاء دفعة قوية للأنشطة الاقتصادية، وأخيراً فهي صناعة تصب في حماية البيئة عبر خفض الإنبعاثات الكربونية من السيارات.
وخطوط السكك الحديدية السريعة كثيفة العمالة قادرة على تعزيز اقتصادات الدول، وعلى اجتذاب الركاب بكثافة، بصفتها بديلاً عملياً عن السيارات والطائرات، وليس من المستغرب أن تدرجها العديد من الحكومات في حزماتها للتحفيز الاقتصادي.
الأكيد أن النقل بالخطوط الحديدية يعتبر من أرخص وسائل النقل سواء بتعرفة النقل للطن الواحد أو التأمين على البضاعة واستهلاك الوقود وتكاليف الصيانة للمعدات والآليات، هذا بالإضافة إلى التقليل من الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن الحوادث، كما وأن تكاليف صيانة خطوط السكك الحديدية تكون اقل مقارنة مع بباقي وسائل النقل الاخرى.
وبحسب بعض الخبراء فقد شهدت السنوات الاخيرة اهتماما خاصا ومكثفا من قبل العديد من الحكومات التي سعت الى تطوير وتحديث قطاع السكك الحديدية وتعزيز مستوى السلامة وتأهيله لتسيير قطارات حديثة ومتطورة عالية السرعة هذا بالإضافة الى الاجراءات والخطط الأخرى.

تدعيم البنية التحتية
الخبير الاقتصادي Joe Brady أكد في تقرير له أن «الولايات المتحدة جادة في تحقيق نظام للبنية التحتية خاصة من خلال تركيزها على إنشاء سكك حديدية وهو نظام يصلح للقرن الواحد والعشرين، مع التأكيد على أهمية تشجيع الدعم الفيدرالي القوي لمشاريع البنية التحتية»، كما أوضح بأن جمعية ضباط تمويل الحكومة (Government Finance Officers Association GFOA)، وهي شريك في تحالف ASCE أصدرت في الشهر الماضي تقريراً بعنوان «فهم خيارات التمويل المستخدمة للبنية التحتية العامة»، والذي يبين مختلف الوسائل لتوفير إيرادات إضافية للمساعدة في تمويل مشاريع البنية التحتية الرئيسية وركز على ضرورة الاتجاه لبناء سكك حديدية للمساهمة في إنعاش قطاع التجارة والنقل وبالتالي زيادة الدخل والنمو الاقتصادي.

صمام أمان للدول
تشير العديد من التقارير بأن الخبراء الاقتصاديين يحذرون من حدوث ركود في عام 2020، حيث يحذر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق Ben Bernanke من تأثير السياسة المالية بعد عام 2019، كما تنبأ Ray Dalio، مؤسس شركة Bridge Water، أكبر صندوق تحوط في العالم، في سبتمبر الفارط من أن الاقتصاد سيشهد فترة انكماش بعد عامين.
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة «Bloomberg» في الآونة الأخيرة أن الخبراء الاقتصاديين أثاروا احتمال حدوث ركود في الأشهر الـ 12 المقبلة إلى 25 %، وهو أعلى مستوى في أكثر من ست سنوات.
وبينت Patricia Healy مديرة المحافظ في شركة Cumberland Advisors قائلة «نحن بحاجة إلى الإنفاق لأن البنية التحتية في حالة انهيار، وإذا لم تحسّن السكك الحديدية والطرق والجسور، فلن تكون قادرًا على ممارسة التجارة أيضاً».
من جهة أخرى أكد بنك الاحتياطي الفيدرالي أن الإنفاق الحكومي والمحلي في مشاريع البنية التحتية يدعم النمو الاقتصادي، مؤكدا أن تحسين الطرق والجسور والسكك الحديدية من أهم القضايا التي يجب التركيز عليها.
من كل ما سبق نجد أن إنشاء السكك الحديدية يبدو أنه صمام أمان تتجه إليه بعض الدول لحمايتها من الركود الاقتصادي، وذلك لأن بناء هذه السكك ومنح امتياز إنشائها للقطاع الخاص يضمن تحقيق عوائد للشركات المنشأة، ويساعدها في تحقيق ربح وبالتالي تحرك لعجلة الاقتصاد في الدولة، كما تسهم هذه السكك في تحريك التجارة وزيادة النمو وبالتالي ضمان عدم إصابة الدولة بركود اقتصادي.

* دكتوراه في الاقتصاد والتأمينات والبنوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى