قال إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالله البعيجان في خطبة الجمعة: إن للمدينة شرفا وفضلا فاطلبوه , وحرمة وتقديرا وأدبا فاعرفوه , ويتحتم الأدب في حدود الحرم , وفي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم آكد , فإن الأدب معه حيا كالأدب معه ميتا , ولقد أمر الله بالأدب عنده وخفض الجناح , قال تعالى : ” يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يد الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم , يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ” , فتأدبوا عباد الله عنده بحسن الآداب , واعرفوا لهذا المسجد قدره وحرمته وقداسته.
وأضاف : إن الله تعالى يختار للفضل محلا ومكانا كما يختار له وقتا وزمانا وأهلا وأعوانا , وقد فضل في الأرض بعض البقاع فكانت أشرف البلدان والأصقاع , فجعل مكة مهبط الوجي وقبلة المسلمين , وأم القرى والبلد الأمين , والمسجد الحرام ومهوى أفئدة المؤمنين , وشرف المدينة بهجرة النبي صلى الله عليه وسلم فمنها انتشر الإسلام وهي طيبة وبها طاب المقام وما بين لابتيها حرام , وهي مأرزه وملاذه ومسكنه ومأواه ومدفنه.
وتابع : لقد شرف الله المدينة وفضلها وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالهجرة إليها , وحرم الله ما بين لابتيها , فاعرفوا لها حقها , واستشعروا حرمتها , عن أنس رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” المدينة حرم من كذا إلى كذا , لا يقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث , من أحدث حدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ” , المدينة مأرز الإيمان وسماها الله الدار والإيمان , فبها تواتر نزول القرآن , وفيها شرعت الأحكام , وتوطدت الأركان واستقر الأمان , ومنها انطلقت رايات الإسلام , ففتحت البلدان وأعز الله دينه , ونصر عبده , وهزم عدوه , قال صلى الله عليه وسلم : ” إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها ” , المدينة لا يدخلها رعب المسيح الدجال ولا الطاعون , إن إبراهيم عليه السلام قد حرم مكة ودعا لها بالبركة وإن نبينا صلى الله عليه وسلم قد حرم المدينة ودعا لها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة.