المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتة

أشكناني: فقدنا 70% من الشعاب المرجانية في 2010

يبدو أن «المرجان الكويتي» أخذ صفاته من أهل الكويت، واستطاع التكييف مع «لاهوب» الصيف، ففي الوقت الذي ينفق فيه المرجان حول العالم عند 29 و30 درجة مئوية، يعيش في الكويت بمعدلات تصل إلى 35 درجة مئوية، الأمر الذي حير العلماء ودعا بعضهم للتفكير باستنساخ جينات المرجان في بحر الخليج العربي، إلا أننا وبكل أسف لا ندرك هذه النعمة العظيمة التي حبانا الله بها، ونشارك في تدمير هذه الثروة الطبيعية التي فقدنا %70 منها عام 2010.
وتعتبر الشعاب المرجانية «واحة» البحر، وتمثل مستقراً وغذاءً للكائنات البحرية، وتراجع معدلاتها ينعكس سلباً على المخزون السمكي في البحر، كما للمرجان استخدامات طبية وتجميلة، وسياحية، حيث يعتمد اقتصاد عدد من الدول كجزر المالديف ومناطق في البحر الكاريبي على «سياحة المرجان»، أما في الكويت فهو عرضة للأهمال والتعديات، حيث تشكل الملوثات، ومياه التوازن للناقلات النفطية، وشباك الصيادين، إضافة إلى مراسي رواد الجزر تحدياً مستمراً للثروة المرجانية في البلاد. وفي كل مرة يثبت لنا المجتمع المدني والفرق التطوعية أنهم «رحمة» للكويت وبيئتها، حيث يقوم فريق الغوص الكويتي التابع للمبرة التطوعية بجهود جبارة لإسعاف بحر الكويت الذي يرزح تحت وطأة التعديات، ويتابع 26 متطوعا من الفريق الشعاب المرجانية ويقومون بمشاريع عديدة لحماية المرجان وتنميته.
القبس التقت بأمين سر المبرة التطوعية البيئية وعضو فريق الغوص محمود اشكناني، الذي حدثنا عن شغف بدأ منذ 1996، ليصبح لاحقاً خبيراً في مجال الحياة المرجانية وراصداً لها.

وكشف أشكناني أن الكويت فقدت أكثر من %70 من شعابها المرجانية في 2010، بعد «الابيضاض الكبير» الذي أصاب معظم الشعاب في بحر الكويت نتيجة ارتفاع درجات الحرارة أو تلوث لم يكشف عنه، مبيناً أن المساحة التقديرية للمرجان قبل 2010 تعادل 8 إلى 10 ملاعب كرة قدم، وتراجعت نسبتها إلى ما يعادل 3 إلى 4 ملاعب، ويتحول ¾ الشعاب المرجانية إلى صخور لا حياة فيها.
وعدّد أشكناني الآثار المترتبة على موت المرجان الذي يعتبر «واحة» البحر ومكانا لاستقرار وتغذية الكائنات البحرية، فموته ينعكس سلباً على الثروة السمكية والتيارات المائية المهمة لحياة الكائنات في البحر، كما يعتبر احد المكونات الرئيسية «للرمال» في العالم، فضلاً عن أهميته في صناعة الأدوية ومستحضرات التجميل، ومساهمة  «سياحة المرجان» بنحو %80 من دخل بعض الدول كجزر المالديف ومناطق في بحر الكاريبي.

مواقع دُمرت
وذكر أشكناني أن المرجان يتوزع في 19 موقعا، وترتكز غالبية الشعاب في الجزء الجنوبي، حيث يطوق جزر الجنوب الثلاث وهي كبر، قاروة وأم المرادم، إضافة إلى «القطع المرجانية» وأشهرها أم ديرة، أم العيش أو تيلر، قطعة عريفجان، جليعة، سلامة، الزور والبنية، و9 قطع في بنيدر، وأخرى على مقربة من الجزر الجنوبية.
وأوضح أن المرجان يكتسب لونه و%70 من غذائه من الطحالب، وهو يعيش في ظروف خاصة، وفي حال اختلال بيئتها بسبب ارتفاع درجات الحرارة أو حدوث تلوث، تخرج هذه الطحالب من أنسجة المرجان، وكلما انخفضت نسبتها إثر ذلك على لون المرجان حتى يصبح أبيض بالكامل، ويعني ذلك أنه فقد معظم غذائه، فبالتالي يحتضر المرجان ويموت بالتدريج، وهذا ما حدث في عام 2010 في الإبيضاض الكبير الذي دمر الثروة المرجانية.

مرجان نادر
وبين أشكناني أن المرجان والطحالب تحتاج لبيئة خاصة تتمثل في درجات حرارة من 18 إلى 28 درجة مئوية، ووسط مائي شفاف تدخل إليه أشعة الشمس، إضافة إلى وجود تيارات مائية معينة، ووفقاً لهذا المقياس يفترض ألا يكون في الكويت أي نوع من المرجان، حيث يبين الرصد الرسمي أن درجات الحرارة في البحر انخفضت في أدنى معدلاتها إلى 11.5 درجة مئوية، وترتفع لنحو 35 درجة مئوية صيفاً، علماً أن اختلاف الحرارة لدرجة واحدة يتسبب بنفوق المرجان في العالم، إلا أن المرجان الكويتي تكيف مع درجات الحرارة التي اختلفت بنحو 7 درجات عن المعدلات الطبيعية.
وتابع أشكناني أن نسبة الملوحة المطلوبة للمرجان 36 من ألف، وتصل في الكويت إلى 42، كما أن البحر الآتي من شط العرب يحمل ترسبات طينية ورملية هائلة في الماء، مما يؤدي إلى دفن المرجان، فيبذل %70 من طاقته لتنظيف نفسه من هذه الترسبات ويعزل الضوء عنه، ويؤدي أحياناً إلى نفوقه، وهذه المزايا دعت بعض العلماء في العالم إلى التفكير بأخذ من جينات المرجان الكويتي، وإضافته إلى المرجان حول العالم الذي يصبح عرضة للإبيضاض لمجرد الوصول إلى 30 درجة مئوية.

عوامل بشرية
وأفاد أشكناني بأن العوامل البشرية تؤثر في الشعاب المرجانية بشكل كبير، وتمثل السفن النفطية ومياه التوازن الملوثة التي تحمل معها نسبا من النفط والكائنات الدخيلة في بعض الاحيان، ابرز التحديات فضلاً عن الصيد الجائر ورواد الجزر الذين كانوا شركاء في تدمير المرجان.
وتابع ان الصيادين ينصبون شباكهم في المياه المفتوحة، ويتركونها احياناً للنجاة بأنفسهم من خفر السواحل، وتتحرك الشباك بعد ذلك نحو الشعاب وتعلق فيها، فتمنع عنها الضوء، كما تنفق الكائنات العالقة بها، ويعلق السمك «الزبال» الذي يأكل الكائنات النافقة، لينتهي بقتل كل الكائنات في المكان، لافتاً إلى ان فريق الغوص يخرج سنوياً اكثر من 12 شبكا عالقا في الشعاب.
وقال، أما التحدي الثالث الذي يواجه المرجان، فأبطاله «رواد الجزر»، الذين يأتون نهاية الاسبوع، وتتجاوز اعداد القوارب في هذا الوقت من العام الـ 200 قارب على اقل تقدير، وفي جزيرة ككبر وبمساحة لا تتجاوز 650 مترا، حيث يحتاج كل قارب ان يرمي مرساته لتثبيت قاربه على الجزيرة، فتعلق هذه المرساة في الشعاب المرجانية مما يتسبب بتكسر المرجان، لو قدرنا اعداد المتواجدين في تلك الجزيرة في يوم واحد بنحو 200 قارب، ستدمر المرساة 3 مستعمرات مرجانية على الأقل، وذلك يعني تدمير اكثر من 600 مستعمرة مرجانية في يوم واحد فقط، ولهذا السبب بالتحديد تسجل «كبر» تراجعاً بيئياً مستمراً.
حلول ومشاريع

وبين أشكناني ان بعض المواقع كجزيرة قاروة يكفي ان تحولها إلى محمية لاعادة تأهيل نفسها، حيث يسجل المرجان في قاروة التعافي ونموا مطردا، أما جزر كبر وام المرادم، والقطع المرجانية مثل تيلر، ام ديرة فتحتاج إلى تدخل بشري ايجابي لإسعافها وإعادة تأهيلها. ولفت إلى ان فريق الغوص يعتمد على 3 محاور في معالجة واعادة تأهيل المرجان والحياة البحرية بصفة عامة، تتمثل في «الوقاية»، والتي تُعنى بمنع تكسر المرجان، وفي هذا الاطار عمل فريق الغوص على مشروع المرابط البحرية، وتم غرس اوتاد على عمق 3 امتار في القاع، لمساعدة رواد الشواطئ في تثبيت قواربهم بالمرابط بدلاً من رمي المرسى في العمق وتدمير الشعاب، ورغم ذلك لا يتم التقيد فيها، والمحور الثاني للحل يتمثل في الحماية ورفع القوارب، والمخلفات من شباك وحبال صيد من البحر.

ما المرجان؟
المرجان كائن حي رخوي، وهو غذاء للعديد من الكائنات الاخرى، يقوم بإفراز كربونات الكالسيوم لحماية نفسه وبناء القوالب والأشكال التي نراها في البحر، وينشئ عبر الاستنساخ او التكاثر مستعمرات مرجانية، تشترك في اللون وجميع الصفات، أمّا لون المرجان فهو أبيض بغالب الأحيان، وما يمنحه اللون والجمال، هو نوع من الطحالب، الذي يعيش داخل انسجة المرجان في حالة تكافلية، وتوفر الطحالب %70 من غذاء المرجان، و%30 من العوالق المائية.

«المراسي» بثوان.. تدمر 50 عاماً من النمو
ذكر محمود أشكناني أن نمو المرجان بطيء جداً، حيث يحتاج من 4 إلى 5 سنوات لنمو بمقدار 5 إلى 6 سم، فإذا افترضنا أن مرسى قارب أحد رواد الجزر يدمر مستعمرة بطول 50 إلى 60 سم، فهذا يعني ان الشعاب ستحتاج إلى اكثر من 50 عاماً لإعادة تأهيل مستعمرة دمرها «المرسى» بثوان!

35 نوع مرجان.. وبعضها نادر جداً
قال أشكناني: يعيش في بحر الكويت 35 نوعاً من المرجان الصلب من 9 عوائل، فضلاً عن أنواع نادرة اكتشفت لاول مرة في بحر الكويت كمرجان «الغصن العربي»، الا ان الانشطة البشرية والعوامل الطبيعية ساهمت في تراجع التنوع المرجاني، ففي الوقت الذي كان الفريق يرصد من 22 إلى 27 نوعاً في كل «غوصة»، أصبحنا نرصد 17 نوعاً في أفضل الأحوال.

بناء 26 مستعمرة.. و«دراسة الجدوى» أوقفتها
كشف أشكناني عن بناء 26 مستعمرة مرجانية،عبر إنزال مجسمات خرسانية بمواصفات عالمية بحيث تكون مناسبة لاستقرار المرجان واستيطان الكائنات فيها، اطلق عليها «محميات جابر الكويت البحرية»، وهي عبارة عن مجاميع تتكون من 5 إلى 6 كتل ضخمة وتقدر احجامها (4 × 4) و(5 × 5)، ووصل عددها إلى  50 مجسمة في بعض المواقع، الا ان صدور قانون حماية البيئة، وهيئة البيئة الزمنا بإعداد دراسة جدوى، بقيمة لا تقل عن 35 ألف دينار، بينما لا تتجاوز كلفة المشروع 18 ألفاً، الامر الذي تسبب بوقف المشروع في الوقت الراهن، لاسيما ان فريق الغوص التطوعي يعتمد على الرعايات في تمويل مشاريعه.
وتابع: يقوم الفريق بزراعة المرجان، بعد ان يخضع المختصون في الفريق إلى دورات لتعلم تقنية زراعة المرجان في جزر المالديف التي تواجه تحديات مشابهة، وتعتمد هذه التقنية على شتل المرجان في هياكل مخصصة وبمناطق محمية لضمان لنموها وتكاثرها.

التجربة النيوزلندية في حماية الجزر
اقترح أشكناني تحديد جزء من البر والبحر في الجزر كمحميات جزئية لخلق التوازن، مشيراً إلى ان التجربة النيوزلندية بحماية الجزر أثبتت نجاحاً كبيراً، وتوسعت نيوزلندا في المساحات المحمية لتصل إلى %80 من الجزيرة، مكتفين بـ%20 مفتوحة للصيادين والعامة، بعد ارتفاع المخزون السمكي بشكل لافت نتيجة استقرار الكائنات في الاجزاء المحمية من دون إزعاج بشري.
ودعا إلى إنشاء محميات في البحر بأعماق مناسبة، وإنشاء المستعمرات المرجانية في حال عدم إمكانية الجهات المعنية حماية الجزر، لضمان بيئة محمية وآمنة للكائنات البحرية، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على المخزون السمكي في البحر.

تجاهل الكويتي
ندد محمود أشكناني بما أسماه «تجاهل الكويتي»، قائلاً: في الوقت الذي يملك فيه الفريق خبرة على مستوى الشرق الاوسط في المحميات البحرية، فإن الجهات الحكومية عند تنفيذها لأي مشاريع تستعين بخبرات خارجية، بينما يعمل الفريق في هذا المجال لسنوات، وتقع الجهات بذات الأخطاء التي وقعنا فيها منذ أعوام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى