أسباب منع الكتب في 16 «كرتونة»!
أقام المركز الثقافي بجمعية المحامين الكويتية ندوة «مُنع في الكويت»، للحديث عن الرقابة على الكتب ومنعها، وقد ضمت الندوة النائب بمجلس الأمة خالد الشطي، ورئيس جمعية المحامين شريان الشريان، والباحث د. محمد البغيلي، وعضو الحركة الليبرالية إيمان حيات، وأدار الندوة نائب مدير المركز أحمد بوشهري.
تحدث أولا النائب خالد الشطي، فأكد أن قضية الرقابة على الكتب ومنعها تمس سمعة الكويت، وأشار الشطي إلى أن الجميع يعلم أن هناك رقابة على الكتب، لكن لا أحد يعلم ما هي المعايير التي على أساسها يتم منع الكتاب.
منع 4390 كتاباً
وقال الشطي انه وجه سؤالاً برلمانياً إلى وزارة الإعلام عن حقيقية الرقابة على الكتب، وأعضاء لجنة الرقابة ومؤهلاتهم، وفوجئ بأن الرد على السؤال جاء في 16 كرتونة تحمل أسباب منع 4390 كتابا في السنوات الخمس الأخيرة، وان بعض الكتب تم منعها بسبب كلمة أو كلمتين، وجد الرقيب أنه بهما مساس بالمجتمع.
وأكد الشطي أنه وجه سؤالاً برلمانياً أيضا عن دور وزارة الأوقاف في منع الكتب، لكنه اكتشف أن كل جهة تريد رمي الكرة في ملعب الجهة الأخرى، حيث أشار إلى أن مشكلة الرقابة ومنع الكتب لن يتم حلهما بجهد شخصي، وإنما بتعاون جميع التيارات من دون كلل.
مؤامرة ضد الثقافة
وأنهى الشطي كلمته بالتأكيد على أن ثمة مؤامرة تحاك ضد الثقافة الكويتية، بعد أن كانت الكويت بمنزلة عروس الخليج، بما قدمته من ثقافة وأدب وإصدارات ثقافية مهمة، مثل مجلة العربي، ورأى أن قتل الإبداع سمة من سمات الرقابة على الكتب، وطالب بصدور تشريع بأن تكون الرقابة لاحقة للنشر وبسلطة القضاء.
فسح ومنع ماركيز
بدوره، قال الباحث د. محمد البغيلي إنه تم منع كتاب له من قبل الرقابة، ولكنه لم يلجأ للقضاء، لأنه يعلم أن هناك قانونا يساعد على ذلك، وأن هذا هو فهم أعضاء لجنة الرقابة، واضاف البغيلي ان رابطة الأدباء، التي كان عضوا سابقا بها، حاولت التصدي لمنع كتب المبدعين الكويتيين، لكن كانت المقولة الدائمة: «المتضرر يلجأ إلى القضاء»، وأشار البغيلي الى أن المشكلة ليست في السلطة، ولكن في بعض الناس الذين يرون أن الدفاع عن الرقابة ومنع الكتب هو دفاع عن العلمانية والكفر، وآخر هذه المصطلحات من التهم الجاهزة.
وأشار البغيلي إلى أن رواية ماركيز «مائة عام من العزلة»، التي منعت أخيراً، كانت مجازة من الرقابة في سنوات سابقة، ولكن الطبعة الجديدة لم ترق للرقابة فمنعتها، وتساءل: هل الفسح والمنع يخضع لمسطرة واحدة، أم لمزاج هذه اللجنة أو تلك؟
وطالب البغيلي مجلس الأمة بوقفة جادة ضد موضوع الرقابة، وبتكاتف جميع الإعلاميين والمثقفين، من أجل إعادة صياغة المشهد تجاه هذه القضية في الكويت.
لا لفرض الوصاية
أما عضو الحركة الليبرالية الكويتية، إيمان حيات، فرأت أنه من الغريب أن تكون الكويت ساحة لكبت فكرة أو منع كتاب، بعد أن كانت داراً للأدب والأدباء العرب، وأكدت حيات ان فرض الوصاية على الحريات لم يعد مقبولاً.
وطالبت حيات المجتمع المدني بوقفة جادة، وعدم الاكتفاء بكلمات الإدانة من أجل تصحيح المسار المنحرف، وإصلاح القوانين المقيدة للحريات وفرض القيود على الكتب، كما أدانت حيات في كلمتها بعض أعضاء جمعية المحامين، ممن يطاردون المغردين في مواقع التواصل الاجتماعي، والتربص بهم قضائياً، وهو ما رأته يتنافى مع شرف مهنة المحاماة في الذود عن الحريات والدستور ونصرة الحق.
إلى أين تذهب يا وطن؟
وتحدث رئيس جمعية المحامين الكويتية، شريان الشريان، فقال إنه يتقبل النقد ضد بعض المحامين، مؤكدا أن منهم من يصيب ومنهم من يخطئ، وقال الشريان: عندما قررنا عقد هذه الندوة للحديث عن منع الكتب في الكويت اتهمنا البعض بأننا ندعو الليبراليين، متسائلا: إلى أن تذهب أيها الوطن؟
وأكد الشريان أن الكويت كانت منفتحة، وتصدر الإبداع في كل المجالات، ولذا كانت عروس الخليج، وأنها كانت واحة للمفكرين والأدباء العرب بمختلف توجهاتهم، وأنه لا يمكن لأي مجتمع أن يتقدم ويبدع طالما يمنع الكتاب من التداول، وقال إن كان من حق وزارة الإعلام منع بعض الكتب، التي تحرض على الفتنة أو الرذيلة، فعليها أن تفسح الكتب الفكرية، وتترك الرد على الفكرة بالفكرة والكتاب بالكتاب، مؤكدا أن الرقابة لم تعد مجدية في عصر التكنولوجيا، التي توفر البديل في حال المنع، وان الرقابة أصبحت عنواناً للتخلف، ولا تليق باسم الكويت.
.. والقوى السياسية: لا للتعسف الرقابي
أصدرت التنظيمات والقوى السياسية بيانا مشتركا حول التشدد والتعسف الرقابي الذي تنتهجه وزارة الإعلام في تضييقها على حرية النشر، انطلاقا من إدراكها «بأن الديموقرطية، ومفاهيمها، ليست كما يحاول البعض تصويرها على أنها مجرد صندوق اقتراع ومجلس أمة منتخب، بل تتجاوز ذلك، فهي تتعلق بمبادئ الحرية والعدل والمساواة التي ينطلق أساسها من حرية الرأي والفكر والتعبير والنشر، والمعتقد، وحرية الوصول إلى المعلومات والاطلاع، وحرية البحث العلمي، ومن دون توافر هذه المقومات واحترامها، فلا توجد هناك ديموقراطية حقيقية مهما كانت الادعاءات». بحسب ما جاء في البيان التي تلقت القبس نسخة منه. وقال البيان «لقد ابتليت الكويت لسنوات طويلة بنهج التضييق على الحريات الذي اتخذ، ومازال، مظاهر مؤسفة ومقلقة، أبرزها التشدد، بل التعسف الرقابي الذي تمارسه وزارة الإعلام على الكتب، سواء المطبوعة في الكويت أو الواردة من خارجها، على نحو يتعارض مع أبسط مبادئ الحرية».
كما أفادت القوى السياسية ان الخطير في الأمر أن وزارة الإعلام لم تكتف بآلاف الكتب التي منعتها من التداول في السنوات السابقة، وإنما بدأت في الفترة الأخيرة بمنع مجموعات أخرى كانت مجازة ومسموح لها بالتداول.
واشارت القوى السياسية انه من المؤسف أن بعض قوى الإسلام السياسي عملت على تشجيع مثل هذا النهج بممارسة التحريض على الحدود الدنيا المتاحة من الحريات الفكرية والشخصية. وإن القوى السياسية المدنية الموقعة على هذا البيان تدين نهج التعسف الرقابي.
ودعت القوى السياسية إلى تحرك جاد لكل مَنْ تعز عليه قضية الحريات من أجل رفض نهج التعسف الرقابي وإلغاء قرارات المنع المتعسفة، إضافة الى تعديل قانون المطبوعات والنشر باتجاه إلغاء القيود المتشددة على حرية النشر وحرية التعبير وحرية الحصول على المعلومات وذلك من اجل الا يكون هناك تعسف الرقابي ولا لنهج التشدد والتضييق والانغلاق.
شملت القوى الموقعة على البيان كلا من الحركة التقدمية الكويتية، والمنبر الديموقراطي الكويتي، والحركة الليبرالية الكويتية، والتجمع العلماني، والتحالف الوطني الديموقراطي.