المستشارة القانونية:

المحامية روحية رضوان

أخبار مثبتةاقتصاد

أزمة ائتمان.. من نوع آخر

في قراءة أولية لأرقام الائتمان يتبين أن هناك تباطؤا في قطاعات وانكماشاً في أخرى، فقروض المتاجرة بالأسهم تتراجع وكذلك التسهيلات الشخصية لأغراض الاستهلاك التي عادت إلى مستوى فبراير 2014 أما القروض العقارية فتراوح مكانها تقريباً منذ سنتين مقابل صعود في القروض الإسكانية، كما أن الصعود حليف إقراض القطاع النفطي الذي نشطت مشاريعه في السنوات القليلة الماضية، إلى ذلك يضاف ملاذ البنوك في الاكتتاب بسندات الدين العام.
على صعيد إقراض القطاع الصناعي تشير الأرقام إلى تراجع في سنة بينما تراوح مكانها تقريباً التسهيلات لقطاع الإنشاءات.
واللافت أيضاً وصول قروض شركات الاستثمار إلى أحد أدنى مستوياتها التاريخية منذ ما قبل أزمة 2008.
نتيجة لذلك، تبقى السيولة فائضة نسبياً، اذ بلغت الودائع في فبراير الماضي 40.6 مليار دينار (تشمل الودائع الحكومية) مقابل 34.3 مليارا لقروض القطاع الخاص.
وفي فبراير الماضي ارتفعت القروض بواقع 92 مليون دينار إلى 34.3 مليار دينار في فبراير مقارنة مع ديسمبر الماضي، وبنسبة زيادة %0.2 فقط، وذلك بعد أن سجلت تراجعاً في يناير الماضي إلى مستوى 34.2 مليار دينار.
ومن الملاحظ أن قطاع النفط والغاز واصل نموه للشهر الثالث على التوالي متجاوزاً سقف المليار دينار، لتبلغ قيمة القروض الممنوحة للقطاع إلى نحو 1.2 مليار دينار في فبراير، بزيادة 200 مليون دينار عن يناير 2017 وديسمبر 2016، في حين تراجع رصيد التسهيلات الممنوحة للمؤسسات المالية غير البنوك إلى 1.3 مليار.
وفي الوقت الذي سجل فيه إجمالي التسهيلات الشخصية نمواً طفيفاً في فبراير، واصلت القروض الاستهلاكية تراجعها لأدنى مستوى شهري منذ نهاية 2014، في حين ارتفعت المقسطة «الإسكانية» إلى 10.2 مليارات دينار مقابل 10 مليارات في ديسمبر 2016.

عام صعب
ويبدو أن عام 2017 سيكون أصعب من سابقه على مستوى الائتمان، إذ تؤكد البيانات المصرفية استمرار تراجع النمو خلال الربع الأول، الذي كان قد تراجع الى %2.9 في 2016 مقارنة مع نحو %8 في عام 2015 نتيجة سداد 688 مليون دينار مقابل أسهم «امريكانا» المرهونة.
وبفرض عدم سداد هذا المبلغ الكبير فإن معدل النمو لم يكن ليتجاوز %5 ما يعني وجود مؤثرات أخرى، منها تراجع معدلات ثقة المستهلك، وبالتالي انخفاض مبيعات قطاع التجزئة، وضبط القروض الاستهلاكية والمقسطة بتعليمات رقابية تربط القرض بتقديم فواتير تثبت تطابق وجهة الصرف مع الغرض الذي منح القرض من أجله.
ويؤكد انخفاض نمو قيمة صفقات اجهزة نقاط البيع إلى %5.5 العام الماضي مقارنة مع %13.3 في 2015 تراجع الإنفاق الاستهلاكي بشكل مؤثر، ما ينعكس ايضاً على أداء محفظة القرض الشخصية بشكل عام والتي تمثل أكثر من %40 من إجمالي محفظة قروض البنوك.
وفي المقابل، ورغم استمرار الانفاق الاستثماري الحكومي، الذي يعني زيادة أعمال الشركات وحاجتها للتمويل المصرفي، فإن آلية طرح المشروعات الحكومية الكبرى ما زالت تقف عائقاً كبيراً في سبيل استفادة الدورة الاقتصادية المحلية، إذ غالباً ما يخرج الجزء الأكبر من الأموال إلى الشركات العالمية.
وما يزيد الضغوط على القطاع المصرفي أن الملفات التي كانت تعول عليها لتنشيط الائتمان من قبيل رفع السقوف الائتمانية وإطلاق الرهن العقاري قد دخلت الثلاجة ولم تعد في الواجهة منذ شهر اكتوبر الماضي ما يقلص سقف التوقعات بشأنها.
وللتعرف على الجهود التي تبذلها البنوك لمواجهة تراجع نمو الائتمان وزيادة الودائع استطلعت القبس آراء عدد من المصرفيين، والتي جاءت كما يلي:
قال رئيس مجلس إدارة أحد البنوك ان نمو الائتمان في الكويت هو انعكاس للسياسات المالية في الدولة، فإذا كانت انكماشية تراجع النمو وإذا كانت توسعية ارتفع.
ولكن قد يصاحب دور الدولة مؤثرات أخرى مصاحبة منها مثلا موجة التهجم على الوافدين، التي قادها نواب خلال الفترة القليلة الماضية.
وأوضح أن الوافدين محرك للائتمان، فعددهم 3 إلى 1 مقابل المواطنين، وهم أيضاً شرائح مرتفعة الانفاق ومتوسطة ومنخفضة وفقا لمعدلات الدخل، مضيفاً أن الاطمئنان والاستقرار أهم عوامل الانفاق، مؤكداً في الوقت نفسه قدرة البنوك على استغلال السيولة الفائضة بالشكل الأمثل.
وتابع: في ظل زيادة التوجهات الاجتماعية والسياسية المناهضة للوافدين يتراجع انفاق هؤلاء بشكل كبير، مستدركاً «كيف يقترض وينفق وهو لا يعلم ما ينتظره من ضرائب ورسوم وقرارات قد تدفعه بين ليلة وضحاها إلى مغادرة البلاد؟!».
وأضاف: المواطن أيضاً متخوف وسط سجالات السياسيين بين وثيقة الإصلاح وتجميدها، فضلاً عن نذير الأزمة السياسية التي طرأت أمس في البرلمان. وذكر أن الدور الرئيسي للبنوك هو تمويل النشاط الاقتصادي بمختلف قطاعاته، مؤكداً أن الحل هو برنامج تنشيط متكامل للاقتصاد المحلي قادر على بث الثقة بين الجميع، مواطنين ومقيمين ومستثمرين وشركات.

الترويج للقروض
من جانبه، قال مدير الخدمات المصرفية في بنك تقليدي إن نمو القروض الشخصية في الربع الأول لم يتجاوز %1.5 مؤكداً أن ترويج البنوك لقروضها مقيد بتعليمات لبنك الكويت المركزي لا يمكن تجاوزها.
واستبعد تأثر البنوك بشكل كبير بتراجع نمو الائتمان على المدى القصير، لكن استمرار هذا التراجع لفترة طويلة قد تكون له أضرار، مبيناً أن البنوك تواصل مساعي تقليص المصاريف بالاعتماد أكثر على التكنولوجيات الحديثة.
وفي الوقت الذي استبعد فيه لجوء البنوك لعمليات حرق أسعار والمنافسة على مستوى الفائدة لاستقطاب العملاء، أكد المصرفي أن هكذا توجها لا تفضله البنوك خصوصاً الكبيرة منها، لافتاً إلى أن هذا حدث بالفعل من بنوك صغيرة في الفترة الأخيرة لكن على نطاق ضيق ولأصحاب رواتب مرتفعة تم خصم ربع في المئة على قروضهم.. لكن ذلك لا يشكل ظاهرة مقلقة، أما إذا السكين وصلت إلى العظم واستمر التراجع طويلاً فهنا يكمن الخطر.
وأكد أن العروض التي تطلقها بعض البنوك لتحويل الراتب والحصول على قروض حسنة قلما تقنع عميلا مقتنعا بالخدمات التي يحصل عليها من مصرفه للانتقال إلى بنك آخر، وإذا حدث ذلك فبأعداد بسيطة لا تذكر.

رفع الفائدة
وقال مساعد مدير الخدمات المصرفية في بنك إسلامي إنه في ظل الظروف العادية وعندما يكون من المعلوم أن هناك قرارات لزيادة الفائدة في الطريق يرتفع إقبال المقترضين لاغتنام الفرصة.. وهذا لن يحدث حيث من شبه المؤكد قيام الفدرالي الأميركي برفع الفائدة مرة ثانية وثالثة في 2017 والتي يرجح اقتفاء أثرها من قبل «المركزي» الكويتي والسبب بطبيعة الحال تراجع ثقة المستهلك.
وأشار إلى أن بعض البنوك تسعى لتنشيط الائتمان من خلال طرح منتجات جديدة تلامس احتياجات العملاء وإعادة صياغة المنتجات القديمة بشكل أكثر مواكبة لمتغيرات السوق وبما يتوافق مع المتطلبات الرقابية.

إدارة السيولة
بدوره، قال مدير خزينة أحد البنوك أن تراجع نمو الائتمان وارتفاعه جزء من طبيعة عمل المصارف، وفي تلك الظروف تظهر قدرة إدارة الخزينة في الموازنة بين الوارد «الودائع» والمصروفات «القروض»، حيث يناط بها إدارة سيولة البنك.
وأشار إلى أن البدائل كثيرة ومتنوعة في إدارة السيولة منها على سبيل المثال ودائع الإنترنت والاستثمار في السندات، مشيرا إلى مشاركة البنوك في السندات السيادية بالدينار وبالدولار، فضلاً عن سندات الشركات إلى جانب التعامل بالمشتقات المالية والتداول في العملات الأجنبية وغيرها. وأشار إلى أن بنك الكويت المركزي يبقى حائط الصد الأخير في حال زيادة السيولة من خلال أدوات تنظيم السيولة من سندات وأذونات خزانة.

التوسع خارجياً
على صعيد متصل، قال مسؤول إدارة الثروات الخاصة في أحد البنوك، في مثل هذه الظروف تظهر أهمية التواجد الخارجي للبنك، حيث تعتبر الأسواق الأخرى عامل توازن مع السوق المحلي، فإذا تباطأ الائتمان يكون أمام إدارة الخزينة قنوات بديلة إضافية لتصريف السيولة.
وأكد أن البنوك المحلية والصغيرة في العادة تكون أكثر المتضررين في فترات تراجع نمو الائتمان نتيجة عدم قدرتها على استقطاب عملاء جدد، أما في فترات الانتعاش فإنها تحصل على حصة ولو صغيرة تدعم نمو محفظتها.

وثيقة الإصلاح
وقال أحد القيادات المصرفية السابقة إن التراجع الاستهلاكي فقط في السلع الفاخرة، أما الإنفاق الأساسي فلا يتراجع تحت أي ظروف، مؤكداً أن استمرار الإنفاق الاستثماري الحكومي هو العامل الأساسي وما دون ذلك مكملات.
وانتقد التصريحات الحكومي حول وثيقة الإصلاح التي كانت جزءًا رئيسياً في انخفاض معدلات ثقة المستهلك وتراجع نمو الائتمان الشخصي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى